أمرتنا بالجهاد والحجّ والصلاة والزكاة فقبلنا ، فلم ترض بكلّ ذلك ، حتّى أقمت هذا الفتى «مشيراً إلى عليّ عليهالسلام خليفة لك ، وقلت : مَنْ كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه فهل هذا منك أم من الله»؟ قال النبي صلىاللهعليهوآله «والله الذي لا معبود سواه انه من الله» ، فالتفت إليه «النعمان بن الحارث» ، وقال : «إلهي إن كان هذا حقّاً منك فأنزل علينا حجارة من السماء»!
وفجأةً نزلت حجارة من السماء على رأسه وقتلته ، فنزلت آية «سأل سائل بعذاب واقع».
ما ورد أعلاه هو ما ذكره صاحب «مجمع البيان» عن أبي القاسم الحسكاني (١) وقد نقل هذا المضمون الكثير من مفسّري أهل السنّة ورواة الأحاديث مع شيء من الاختلاف ، مثل : القرطبي في تفسيرهِ المعروف (٢) ، والآلوسي في تفسير روح المعاني (٣) ، وأبو إسحاق الثعلبي في تفسيره (٤).
وينقل العلّامة الأميني هذه الرواية في كتاب الغدير عن ثلاثين من علماء السنّة (مع ذكر المصدر ونص العبارة) ، منها : «السيرة الحلبية» ، «فرائد السمطين» للحمويني ، «درر السمطين» للشيخ محمّد الزرندي ، و «السراج المنير» لشمس الدين الشافعي ، «شرح الجامع الصغير» للسيوطي ، و «تفسير غريب القرآن» للحافظ أبو عبيد الهروي ، و «تفسير شفاء الصدور» لأبي بكر النقاش الموصلي ، وكتب اخرى.
وقد أورد بعض المفسّرين أو المحدّثين الذين يُقرّون بفضائل علي عليهالسلام على مضض اشكالات مختلفة على شأن النزول هذا ، أهمها الإشكالات الأربعة التالية التي أوردها صاحب تفسير المنار وآخرون بعد ذكرهم للرواية أعلاه.
الإشكال الأوّل : إن سورة المعارج مكية ، ولا تتناسب مع واقعة غدير خم.
والجواب : إن كون السورة مكية لا يعتبر دليلاً على أن جميع آياتها نزلت في مكّة ،
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٩ و ١٠ ، ص ٣٥٢.
(٢) الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ، ص ٦٧٥٧.
(٣) روح المعاني : ج ٢٩ ، ص ٥٢.
(٤) وفقاً لنقل نور الأبصار للشبلنجي : ص ٧١.