قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

آيات الولاية في القرآن

آيات الولاية في القرآن

279/376
*

الشريفة ، لأنه كما تقدّم سابقاً أنّ الهجرة لا تختصّ بالمسلمين في أوائل البعثة بل هي ممكنة في كلِّ زمان ومكان ، وتعني الهجرة من أجواء الذنوب إلى أجواء الطاعة ، ومن دائرة الرذائل إلى دائرة الفضائل ، ومن الظلمات إلى النور.

سؤال : ما ذا تعني مفردة «بإحسان» التي وردت في الآية الشريفة لوصف «التابعين»؟

الجواب : هنا يوجد احتمالان في تفسير هذه المفردة :

الأوّل : أن لا يكون اتّباع المهاجرين والأنصار بالكلام فقط بل ينبغي أن يتجسّد في الواقع العملي في حركة الإنسان ، وبعبارة اخرى أن يتّبع المسلم المهاجرين والأنصار بشكل جيّد ودقيق.

الاحتمال الثاني : أن يتّبع الإنسان المهاجرين والأنصار في أعمالهم الحسنة لا في جميع الأفعال والسلوكيات الاخرى ، لأنه كان بين المسلمين الأوائل بعض الأشخاص الذين كانوا يتحركون في حياتهم الفردية والاجتماعية على خلاف تعليمات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأحكام الإسلام.

وخلافاً لما يراه أهل السنّة من عدالة وعصمة جميع صحابة النبي (١) فنحن نعتقد أن الصحابة ليسوا معصومين جميعاً ، والآية الشريفة أعلاه يمكنها أن تكون دليلاً جيّداً على

__________________

(١) في سفري الأخير إلى مكّة المكرمة (عام ١٤٢٢ ه‍. ق) اقترح عليّ بعض علماء أهل السنّة في مكّة المكرمة أن نعقد جلسة للحوار بيننا ، ومن جملة البحوث التي طرحت في تلك الجلسة بحث عدالة الصحابة حيث قلت لهم : إنكم تعتقدون بأن جميع الصحابة عدول ومنزّهون عن ارتكاب الذنوب في حين أنّ الصحابة هم الذين اشعلوا نار حرب الجمل والتي ذهب ضحيتها أكثر من ١٧ ألف من المسلمين ، فمن المسئول عن كلّ هذه الدماء؟ وإذا كان سفك دم مسلم واحد يوجب دخول النار فكيف بدماء ١٧ ألف إنسان؟

وقد أجاب بعض علماء أهل السنّة : إن طلحة والزبير وعائشة بالرغم من كونهم السبب الأساس في اشعال نار الحرب ، إلّا أنهم انسحبوا قبل بدء القتال ولم تتلوث أيديهم بدماء المسلمين!!

فقلت في جوابهم : على فرض صحة هذا الادعاء ، فهل يكفي لمن اشعل نار الحرب أن ينسحب من الميدان وينقذ نفسه ويترك الآخرين يحترقون بنارها؟ أو يجب عليه السعي لإطفاء نار الحرب والفتنة؟! ثمّ سألتهم : لقد قتل في حرب صفين حوالي مائة ألف نفر من المسلمين ، فمن هو المسئول عن ذلك؟

قالوا : إن معاوية اجتهد فأخطأ ولا مسئولية عليه. فقلت : إذا كانت دائرة الاجتهاد واسعة إلى هذه الدرجة ، إذن فلا ينبغي أن يطال العقاب أي مذنب أو مجرم لأنه أخطأ في اجتهاده ، فهل يقبل العقلاء هذا الكلام؟!