فالناس بالنسبة
إلى هذه الحالة معصومين لأن عقلهم لا يبيح لهم ارتكاب مثل هذا العمل الذي قبحه
واضح وجلي ، إذن فجميع أفراد البشر يمكن أن تكون لهم عصمة جزئية بالنسبة إلى بعض
الذنوب والأفعال.
ولو تقدّمنا خطوة
إلى الامام رأينا أن بعض الناس قد تكون لهم عصمة جزئية بالنسبة إلى بعض الأفعال
التي هي محال عادةً ، من قبيل أن من المحال أن يقوم رجل دين معروف في اليوم الواحد
والعشرين من شهر رمضان المبارك وفي محراب المسجد وهو جالس على سجادة الصلاة بشرب
الخمر أمام الناس ، فهذا من المحال ، ولكنه ليس من المحال العقلي بل إن صدوره من
مثل هذا الشخص محال عادةً لأن عقله لا يسمح له بارتكاب مثل هذا العمل في هذا
المكان وهذه الموقعيّة.
وأمّا المعصومون عليهمالسلام فيتمتعون بمقام العصمة في مقابل جميع الذنوب والخطايا ، أي
أنه رغم كونهم من الناحية العقلية يمكن صدور الذنب والمعصية منهم ، ولكنّه غير
ممكن عادةً لأن عقلهم وتقواهم ومعرفتهم بالنسبة إلى جميع الذنوب والمعاصي كعلم
الشخص العادي بالنسبة إلى الخروج عارياً إلى الشارع ، فكما أن الإنسان العادي
معصوم من مثل هذا الذنب ، فالأئمّة المعصومون عليهمالسلام أيضاً يتمتعون بمقام العصمة في مقابل جميع الذنوب ، فمن
المحال عادةً أن يقوموا بارتكاب المعصية حتّى لو كان صدورها منهم ممكن عقلاً.
إذن فالعصمة هنا
ليست أمراً جبرياً وليست بحيث تكون خارجة عن اختيار المعصومين عليهمالسلام وإلّا فلا قيمة لمثل هذه الأعمال.
والنتيجة هي أن
الإرادة الإلهية في هذه الآية الشريفة هي إرادة تكوينية ، والعصمة هنا لا تسلب
الاختيار والإرادة من الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ولا تجبرهم على ترك المعصية والذنوب بل إنّ هؤلاء الرجال
لا يتوجهون نحو الذنوب بكمال حريتهم واختيارهم.
٣
ـ المراد من «الرِّجس»
الرجس بمعنى
القبيح ، فتارةً يطلق على الامور المادية القبيحة ، واخرى على الامور المعنوية
القبيحة ، وثالثة قد يطلق ويستعمل على كلا الأمرين كما ذكر ذلك الراغب في مفرداته.