وقال أبو النّدى : سبب بكائها أنّها لما فارقت بلاد قومها ووقعت إلى بلاد الروم ندمت على ذلك ، وإنّما أراد عمرو بن قمئة بهذه الأبيات نفسه لا بنته فكنّى عن نفسه بها ، وساتيدما : جبل بين ميّافارقين وسعرت ، وكان عمرو بن قمئة قال هذا لما خرج مع امرئ القيس إلى ملك الروم ، وقال الأعشى :
وهرقلا يوم ذي ساتيدما |
|
من بني برجان ذي الباس رجح |
وقد حذف يزيد بن مفرغ ميمه فقال :
فدير سوى فساتيدا فبصري
قلت : وهذا يدلّ على أن هذا الجبل ليس بالهند وأن العمراني وهم ، وقد ذكر غيره أن ساتيدما هو الجبل المحيط بالأرض ، منه جبل بارما وهو الجبل المعروف بجبل حمرين وما يتصل به قرب الموصل والجزيرة وتلك النواحي ، وهو أقرب إلى الصحة ، والله أعلم ، وقال أبو بكر الصولي في شرح قول أبي نواس :
ويوم ساتيدما ضربنا بني ال |
|
أصفر والموت في كتائبها |
قال : ساتيدما نهر بقرب أرزن وكان كسرى أبرويز وجّه إياس بن قبيصة الطائي لقتال الروم بساتيدما فهزمهم فافتخر بذلك ، وهذا هو الصحيح ، وذكره في بلاد الهند خطأ فاحش ، وقد ذكر الكسروي فيما أوردناه في خبر دجلة عن المرزباني عنه فذكر نهرا بين آمد وميّافارقين ثمّ قال : ينصبّ إليه وادي ساتيدما وهو خارج من درب الكلاب بعد أن ينصبّ إلى وادي ساتيدما وادي الزّور الآخذ من الكلك ، وهو موضع ابن بقراط البطريق من ظاهر أرمينية ، قال : وينصب أيضا من وادي ساتيدما نهر ميّافارقين ، وهذا كلّه مخرجه من بلاد الروم ، فأين هو والهند؟ يا لله للعجب! وقول عمرو بن قمئة : لما رأت ساتيدما ، يدل على ذلك لأنّه قاله في طريقه إلى ملك الروم حيث سار مع امرئ القيس ، وقال أبو عبيدة : ساتيدما جبل يذكر أهل العلم أنّه دون الجبال من بحر الروم إلى بحر الهند.
ساجِرٌ : بعد الألف جيم مكسورة ثمّ راء مهملة ، قال الليث : الساجر السيل الذي يملأ كلّ شيء ، وقال غيره : يقال وردنا ماء ساجرا إذا ملأه السيل ، قال الشمّاخ :
وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر |
|
ببطن المراض كلّ حسي وساجر |
وهو ماء باليمامة بوادي السرّ ، وقيل : ماء في بلاد بني ضبّة وعكل وهما جيران ، قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير :
فإنّي لعكل ضامن غير مخفر |
|
ولا مكذب أن يقرعوا سنّ نادم |
وأن لا يحلوا السّرّ ما دام منهم |
|
شريد ولا الخثماء ذات المخارم |
ولا ساجرا أو يطرحوا القوس والعصا |
|
لأعدلهم أو يوطؤوا بالمناسم |
وقال سلمة بن الخرشب :
وأمسوا حلالا ما يفرّق بينهم |
|
على كلّ ماء بين فيد وساجر |
وقال السّمهريّ اللّصّ :
تمنّت سليمى أن أقيم بأرضها ، |
|
وإنّي وسلمى ويبها ما تمنّت |
ألا ليت شعري هل أزورنّ ساجرا |
|
وقد رويت ماء الغوادي وعلّت؟ |