الهاء وزيدت الألف عوضا عنها ، ثم قلبت الألف همزة».
وفيه كلام قد تقدم في آل عمران عند قوله (أَوْ كانُوا غُزًّى) [آل عمران : ١٥٦].
ويجوز أن يكون جمع فاعل على فعال ، كما جمع فعيل على فعال ، لقرب ما بين الكسر والضم ، ويجوز أن يكون كنؤام ورباب وهو شاذ.
وهذه قراءة الحسن ، وهو من العشوة. والعشوة : هي الظلام. رواه ابن جني «عشاء» بضم العين وقال : عشوا من البكاء. وقرأ الحسن (١) : «عشا» على وزن «دجى» نحو غاز وغزاة ، ثم حذفت منه تاء التأنيث [كما حذفوا تاء التأنيث من] «مألكة» فقالوا : مألك ، وعلى هذه الأوجه يكون منصوبا على الحال. وقرأ الحسن (٢) أيضا : «عشيّا» مصغرا.
و «نستبق» نتسابق. والافتعال والتّفاعل يشتركان نحو قولهم : ننتضل ونتناضل ونرتمي ونترامى ، و «نستبق» في محل نصب على الحال و «تركنا» حال من نستبق و «قد» معه مضمرة عند بعضهم.
قال الزجاج : «يسابق بعضنا بعضا في الرمي» ، ومنه قوله ـ عليه الصلاة والسلام : «لا سبق إلّا في نصل أو خفّ أو حافر» يعني بالنصل : الرمي وأصل السبق : الرمي بالسهم ، ثم يوصف المتراميان بذلك ، يقال : استبقا وتسابقا : إذا فعلا ذلك السبق ليتبين أيهما أسبق.
ويدل على صحة هذا التفسير ما روي في قراءة عبد الله (٣) : «إنّا ذهبنا ننتضل» وقال السدي ومقاتل : «نستبق» نشتد ونعدو (٤).
فإن قيل : كيف جاز أن يستبقوا وهم رجال بالغون ، وهذا من فعل الصبيان فالجواب : أن الاستباق منهم كان مثل الاستباق في الخيل ، وكانوا يجربون بذلك أنفسهم ويدربونها على العدو ، لأنه كالآلات لهم في محاربة العدو. وقوله (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) قيل : أكل الذئب يوسف وقيل : عرّضوا ، وأرادوا أكل الذئب المتاع ، والأول أصح.
ثم قالوا : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) ، أي بمصدق لنا. وقولهم (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) جملة حالية ، أي : ما أنت بمصدق لنا في كل حال حتى في حال صدقنا لما غلب على ظنك في تهمتنا ببغض يوسف وكراهتنا له.
فإن قيل : كيف قالوا ليعقوب : أنت لا تصدق الصادقين؟.
__________________
(١) ينظر : المحرر الوجيز ٣ / ٢٢٦ والبحر المحيط ٥ / ٢٨٨ والدر المصون ٤ / ١٦٢.
(٢) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٥٠ والبحر المحيط ٥ / ٢٨٨ والدر المصون ٤ / ١٦٢.
(٣) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٩ / ٩٦.
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٢ / ٤١٤) والرازي في «تفسيره» (١٨ / ٨١).