وقال الراغب (١) : «أصل الجزع : قطع الحبل ، يقال : جزعته فانجزع ومنه : جزع الوادي لمنقطعه ، ولانقطاع اللون بتغيره.
وقيل للخرز المتلون : جزع ، واللحم المجزّع : ما كان ذا لونين والبسرة المجزعة : أن تبلغ الأرطاب نصفها ، والجاذع : خشبة تجعل في وسط البيت فتلقى عليها رؤوس الخشب من الجانبين ، وصور الجزعة لما حمل عليه من العبء أو لقطعه بطوله وسط البيت».
والجزع أخص من الحزن ، فإن الجزع حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده.
والمحيص : يكون مصدرا كالمغيب والمشيب ، ويكون اسم مكان ، كالمبيت والمضيق ويقال : حاص عنه وحاض بمعنى واحد ، ويقال : خاض ـ بالضاد المعجمة ، وجصنا بها بالجيم.
والمعنى : ما لنا من ملجأ ولا مهرب. فقام إبليس عند ذلك فخطبهم فقال (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ).
قوله : (وَعْدَ الْحَقِ) يجوز أن يكون من باب إضافة الموصوف لصفته ، كقوله تعالى : (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) [ق : ٩] ومسجد الجامع ، أي : الوعد الحق ، وأن يراد ب «الحقّ» صفة الباري ـ تعالى ـ ، أي : وعدكم الله وعده الحق ، وأن يراد ب «الحقّ» البعث ، والجزاء على الأعمال ، فتكون إضافة صريحة.
وقيل : وعدكم الحق ثمّ ذكر المصد تأكيدا ، وفي الكلام إضمار من وجهين :
الأول : التقدير : أن الله وعدكم وعد الحق فصدقكم ووعدتكم فأخلفتكم وحذف لدلالة الحال على صدق ذلك الوعد ؛ لأنهم شاهدوه.
والثاني : قوله : ووعدتكم فأخلفتكم الوعد ، يقتضي مفعولا ثانيا ، وحذف للعلم به تقديره: ووعدتكم أن لا جنّة ، ولا نار ، ولا حشر ، ولا حساب.
فصل
لما [ذكر](٢) الله ـ سبحانه وتعالى ـ المناظرة التي وقعت بين الرؤساء والأتباع أردفها بالمناظرة التي وقعت بين الشيطان وأتباعه فقال : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) قال المفسرون : إذا استقر أهل الجنّة في الجنّة ، وأهل النّار في النّار أخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه ، فيقوم فيما بينهم خطيبا ، فيقول : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ).
وقيل : المراد من قوله تعالى : (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) أي : لما انقضت المحاسبة والمراد من الشيطان : إبليس لعنه الله!.
__________________
(١) ينظر : المفردات ٩٢.
(٢) في ب : طلب.