لأنّك تقول : سحابة ثقيلة وسحاب ثقال ، كما تقول : امرأة كريمة ، ونساء كرام».
وقال البغوي (١) : «السّحاب جمع ، واحدتها : سحابة ، ويقال في الجمع : سحب وسحائب أيضا ، قال عليّ : السحاب غربال الماء».
فصل
قال ابن الخطيب (٢) : «وهذا من دلائل القدرة والحكمة ، وذلك لأنّ هذه الأجزاء المائية إمّا أن يقال : حدثت في جو الهواء أو تصاعدت من وجه الأرض ، فإن كان الأوّل وجب أن يكون [حدوثها](٣) بإحداث محدث حكيم قادر ، وهو المطلوب ، وإن كان الثاني وهو أن يقال: تلك الأجزاء تصاعدت من الأرض ، فلمّا وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء بردت ، فثقلت ، فرجعت إلى الأرض.
فنقول : هذا باطل ؛ لأن الأمطار مختلفة ، فتارة تكون القطرات كبيرة ، وتارة تكون صغيرة ، وتارة تكون متقاربة ، وأخرى تكون متباعدة ، وتارة تطول مدة نزول المطر ، وتارة تقصر واختلاف الأمطار في هذه الصّفات مع أنّ طبيعة الأرض واحدة ، وطبيعة الشمس واحدة فلا بد وأن يكون تخصيص الفاعل المختار ، وأيضا فالتّجربة دلّت على أنّ للدعاء ، والتّضرع في نزول الغيث أثرا عظيما كما في الاستسقاء ومشروعيته ، فعلمنا أنّ المؤثر فيه [قدرة](٤) الفاعل لا الطبيعة ، والخاصية».
قوله : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ) قال أكثر المفسرين : الرّعد اسم ملك يسوق السّحاب ، والصوت المسموع تسبيحه.
قال ابن عبّاس ـ رضي الله عنه ـ : «من سمع صوت الرّعد فقال : سبحان الّذي يسبّح الرّعد بحمده والملائكة من خيفته وهو على كلّ شيء قدير ، فإن أصابه صاعقة فعلى دينه» (٥).
وعن ابن عبّاس : أنّ اليهود سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن الرّعد ما هو؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «ملك من الملائكة وكل بالسّحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السّحاب حيث شاء الله ، قالوا : فما الصّوت الذي نسمع؟ قال : زجرة السّحاب».
وعن الحسن (٦) : أنّه خلق من خلق الله ليس بملك (٧).
__________________
(١) ينظر : تفسير البغوي ٣ / ١٢.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ١٩ / ٢١.
(٣) في ب : إحداثها.
(٤) في أ : فعل.
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ١١).
(٦) أخرجه أحمد (١ / ٢٧٤) والترمذي (٣١١٧) والنسائي في الكبرى (٦ / ٣٣٩).
وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ٩٥) وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في العظمة وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل والضياء في المختارة.
(٧) ذكره الرازي في «تفسيره» (١٩ / ٢١).