وقيل : السّموم ما كان ليلا ، والحرور ما كان نهارا. وعن ابن عباس : نار لا دخان لها (١).
قال أبو صالح : والصّواعق تكون منها ، وهي نار بين السماء وبين الحجاب ، فإذا أحدث الله أمرا ، خرقت الحجاب فهوت إلى ما أمرت به ، فالهدّة التي تسمعون ؛ خرق ذلك الحجاب.
وقيل : نار السموم : لهب النّار. وقيل : نار جهنّم.
وروى الضحاك ، عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : كان إبليس من جنس من الملائكة ، يقال لهم الجن ، خلقوا من نار السّموم ، وخلقت الجنّ الذين ذكروا من مارج من نار ، والملائكة خلقوا من نور (٢).
وقيل : (مِنْ نارِ السَّمُومِ) من إضافة الموصوف لصفته.
قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ) الآية ، لما استدلّ بحدوث الإنسان ؛ على وجود الإله القادر المختار ؛ ذكر بعده واقعته ، وهو أنه ـ تعالى ـ أمر الملائكة بالسجود له ، والمراد بكونه بشرا ، أي : جسما يباشر ويلاقى ، والملائكة ، والجن لا يباشرون ؛ للطف أجسامهم ، والبشرة : ظاهر الجلد من كلّ حيوان ، وتقدّم ذكر الصلصال ، والحمأ المسنون.
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ) أي : شكلته بالصورة الإنسانية ، والخلقة البشرية.
وقيل : سوّيت أجزاء بدنه : باعتدال الطّبائع ، وتناسب الأمشاج ، نفخت فيه من روحي ؛ فصار بشرا حيّا.
والرّوح : جسم لطيف ، يحيا به الإنسان ، وقيل : الرّوح : هي الرّيح ؛ لأنّ النّفخ أخذ الريح في تجاويف جسم آخر ؛ فظاهر قوله : (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) يشعر بأنّ الروح هي الريح ، وإلا لما صحّ وصفها بالنّفخ ، وسيأتي بقية الكلام على الروح عند قوله : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء : ٨٥] ، وأضاف روح آدم ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ إلى نفسه ، تشريفا وتكريما.
قوله تعالى : (فَقَعُوا لَهُ) ، يجوز أن تتعلق اللام بالفعل قبلها ، وأن تتعلق ب «ساجدين».
فصل
ظاهر قوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) يدل على وجوب
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٣ / ٤٩).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٥١٤) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤ / ١٨٣) وعزاه إلى الطبري.