يبدلون من الواو المكسورة ، أوّل الكلمة همزة ، فيقولون : إشاح وإسادة ، وإعاء في «وشاح ، ووسادة ، ووعاء» وقد تقدّم ذلك في الجلالة المعظمة أول الكتاب.
والأوعية : جمع وعاء. وهو كلّ ما إذا وضع فيه أحاط به.
قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَخْرَجَها) في الضمير المنصوب قولان :
أحدهما : أنّه عائد على الصّواع ؛ لأنّ فيه التّذكير ، والتّأنيث ، كما تقدّم.
وقيل : لأنه حمل على معنى السقاية. قال أبو عبيد : قولك : «الصّواع» يؤنّث من حيث هو سقاية ، ويذكّر من حيث هو صواع.
قالوا : وكأنّ أبا عبيد لم يحفظ في الصواع التّأنيث.
وقال الزمخشريّ (١) : «قالوا رجع بالتّأنيث على السّقاية» ثم قال : «ولعلّ يوسف كان يسمّيه سقاية ، وعبيدة صواعا ، فقد وقع فيما يتّصل به من الكلام سقاية ، وفيما يتّصل بهم منه صواعا».
وهذا الأخير أحسن.
والثاني : أنّ الضمير عائد على السّرقة.
وفيه نظر ؛ لأنّ السرقة لا تستخرج إلا بمجاز.
فصل
قال قتادة : ذكر لنا أنه كان لا يفتح متاعا ، ولا ينظر في وعاء إلّا استغفر الله ـ تعالى ـ تائبا ممّا قذفهم به ، حتى إذا لم يبق إلّا رحل بنيامين قال : ما أظنّ هذا أخذه ، فقال إخوته : والله لا يترك حتّى ينظر في رحله ، فإنه أطيب لنفسك ، ولأنفسنا ، فلما فتحوا متاعه استخرجوه منه ؛ فنكس إخوته رءوسهم من الحياء وقالوا : إنّ هذه الواقعة عجيبة ، إنّ راحيل ولدت ولدين لصين ، وأقبلوا على بنيامين ، وقالوا : أيش (٢) الذي صنعت ، فضحتنا ، وسوّدت وجوهنا ، يا بني راحيل لا يزال لنا منكم بلاء [حتى أخذت هذا الصواع ، فقال بنيامين : بل بنو راحيل لا يزال لهم منكم بلاء](٣) ذهبتم بأخي ، ثم أهلكتموه في البريّة ، ثم تقولون لي هذا الكلام ، قالوا له : كيف خرج الصّواع من رحلك؟ فقال : وضع هذا الصواع في رحلي الذي وضع البضاعة في رحالكم ، قالوا : فأخذ بنيامين رقيقا (٤).
قوله : (كَذلِكَ كِدْنا) الكلام في : (كَذلِكَ كِدْنا) [٧٥] كالكلام فيما كان قبلها أي : مثل ذلك الكيد العظيم ، أي : كما فعلوا في الابتداء بيوسف من الكيد فعلنا بهم ، وقد قال يعقوب ليوسف ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ (فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) [يوسف : ٥] ، فكدنا ليوسف في أمرهم.
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٢ / ٤٩١.
(٢) في ب : بئس.
(٣) سقط من : ب.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٧ / ٢٥٩).