قال أبو حيّان : «ولا يصح ما قال ؛ لأن واو الحال لا تدخل على المضارع ، لا يجوز : جاء زيد ويضحك ـ تريد : جاء زيد يضحك ، لأن المضارع واقع موقع اسم الفاعل ، فكما لا يجوز : جاء زيد وضاحكا ، كذلك لا يجوز : جاء زيد ويضحك فإن أول على أن المضارع خبر لمبتدأ محذوف ، أمكن ذلك ، التقدير : وهو يعلم الصابرين.
كما أولوا قول الشاعر : [المتقارب]
١٦٤٠ ـ ........... |
|
نجوت وأرهنهم مالكا (١) |
أي : وأنا أرهنهم».
قال شهاب الدين : «قوله : لا تدخل على المضارع ، هذا ليس على إطلاقه ، بل ينبغي أن يقول : على المضارع المثبت ، أو المنفي ب «لا» ؛ لأنها تدخل على المضارع المنفي ب «لم ولمّا». وقد عرف ذلك مرارا».
ومعنى الآية : أن دخول الجنة ، وترك المصابرة على الجهاد مما لا يجتمعان.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ) قرأ البزي : بتشديد تاء «تمنّون» (٢) ، ولا يمكن ذلك إلا في الوصل ، وقاعدته : أنه يصل ميم الجمع بواو ، وقد تقدم تحرير هذا عند قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [البقرة : ٢٧٦].
قوله : «من قبل» الجمهور على كسر اللام ؛ لأنها معربة ؛ لإضافتها إلى «أن» وصلتها.
وقرأ مجاهد وابن جبير : من قبل بضم اللام (٣) ، وقطعها عن الإضافة ، كقوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) [الروم : ٤] وعلى هذا ف «أن» وصلتها بدل اشتمال من «الموت» في محل نصب ، أي : تمنّون لقاء الموت ، كقولك : رهبت العدوّ لقاءه ، والضمير في «تلقوه» فيه وجهان :
أظهرهما : عوده على «الموت».
والثاني : عوده على العدو ، وإن لم يجر له ذكر ـ لدلالة الحال عليه.
وقرأ الزّهريّ ، والنخعيّ (٤) «تلاقوه» ، ومعناه معنى «تلقوه» ؛ لأن «لقي» يستدعي أن يكون بين اثنين ـ بمادته ـ وإن لم يكن على المفاعلة.
__________________
(١) تقدم برقم ٤٤٥.
(٢) ينظر : الدر المصون ٢ / ٢٢٠.
(٣) ينظر : الشواذ ٢٢ ، والمحرر الوجيز ١ / ٥١٥ ، والبحر المحيط ٣ / ٧٣ ، والدر المصون ٢ / ٢٢٠ ، والصحيح نسبتها إلى مجاهد بن جبر حسب ، ولكن المصنف هنا تحرف عليه «ابن جبر» إلى ابن جبير ، فظن أنهما اثنان ، والصواب كما قدمناه في «المحرر» و «البحر» و «الدر».
(٤) ينظر : الشواذ ٢٢ ، والبحر المحيط ٣ / ٧٣ ، والمحرر الوجيز ١ / ٥١٥ ، والدر المصون ٢ / ٢٢٠ ، ونسبها القرطبي في تفسيره (٤ / ١٤٢) إلى الأعمش.