وقامت الصفة مقامه ، أو تكون الظرفية مجازا جعل الموصوف ظرفا للصفة.
كقوله : [الوافر]
١٥٨٠ ـ .......... |
|
وفي الرّحمن للضّعفاء كافي (١) |
ومنه قوله : إن ضيعني فلان ، ففي الله كاف ، المعنى : الرحمن كاف ، الله كاف ، وهذا فيه بعد.
قوله : «أصابت» هذه الجملة في محل جرّ ـ أيضا ـ صفة ل «ريح».
ولا يجوز أن يكون صفة ل «صر» ؛ لأنه مذكّر ، وبدأ أولا بالوصف بالجار ؛ لأنه قريب من المفرد ، ثم بالجملة ، هذا إن أعربنا «فيها» ـ وحده ـ صفة ، ورفعنا به «صرّ» ، أما إذا أعربناه خبرا مقدما ، أو «صرّ» مبتدأ ، فهما جملة ـ أيضا ـ.
قوله : (ظَلَمُوا) صفة ل «قوم» ، والضمير في (ظَلَمَهُمُ) يعود على القوم ذوي الحرث ، أي : ما ظلمهم الله بإهلاك حرثهم ، ولكنهم ظلموا أنفسهم بارتكابهم المعاصي التي كانت سببا في إهلاكهم ؛ أو لأنهم زرعوا في غير موضع الزرع ، أو في غير وقته ؛ لأن الظلم : وضع الشيء في غير موضعه ، وبهذا يتأكد وجه الشبه ؛ لأن الزرع ـ لا في موضعه ، ولا في وقته ـ يضيع ، ثم أصابته الريح الباردة ، فكان أولى بالضياع ، وكذا ـ هاهنا ـ الكفار لما أتوا بالإنفاق لا في موضعه ولا في وقته ثم أصابه شؤم كفرهم ، فصار ضائعا ، والله أعلم.
وجوّز الزّمخشريّ وغيره : أن يعود الضمير على المنفقين ، وإليه نحا ابن عطيّة ، ورجحه بأن أصحاب الحرث لم يذكروا للرد عليهم ، ولا لتبيين ظلمهم ، بل لمجرد التشبيه.
وقوله : (وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) العامّة على تخفيف «لكن» ، وهي استدراكية ، و «أنفسهم» مفعول مقدّم ، قدّم للاختصاص ، أي : لم يقع وبال ظلمهم إلّا بأنفسهم خاصّة ، لا يتخطاهم ، ولأجل الفواصل ـ أيضا ـ.
وقرأها بعضهم مشدّدة (٢) ، ووجهها أن تكون (أَنْفُسَهُمْ) اسمها ، و (يَظْلِمُونَ) الخبر ، والعائد من الجملة الخبريّة على الاسم محذوف ، تقديره : ولكن أنفسهم يظلمونها ، فحذف ، وحسّن حذفه كون الفعل فاصلة ، فلو ذكر مفعوله ، لفات هذا الغرض.
وقد خرجه بعضهم على أن يكون اسمها ضمير الأمر والقصة ـ حذف للعلم به ،
__________________
(١) هذا عجز بيت لأبي خالد القناني وصدره :
ولولاهن قد سومت مهري
ينظر الكامل ٨٩٥ والكشاف ١ / ٤٥٧ و ٤ / ٤٥٦ واللسان (كرم) والدر المصون ٢ / ١٩٢.
(٢) انظر : البحر المحيط ٣ / ٤١ ، والدر المصون ٢ / ١٩٢ ، ١٩٣.