«في شيء» هو خبر «ليس» ؛ لأن به تستقل فائدة الإسناد ، والتقدير : فليس في شيء كائن من الله ، ولا بد من حذف مضاف ، أي : فليس من ولاية الله.
وقيل : من دين الله ، ونظّر بعضهم الآية الكريمة ببيت النابغة : [الوافر]
١٣٩٢ ـ إذا حاولت من أسد فجورا |
|
فإنّي لست منك ولست مني (١) |
قال أبو حيّان : «والتنظير ليس بجيّد ؛ لأن «منك» و «مني» خبر «ليس» وتستقل به الفائدة ، وفي الآية الخبر قوله : «في شيء» فليس البيت كالآية».
وقد نحا ابن عطية هذا المنحى المذكور عن بعضهم ، فقال : فليس من الله في شيء مرضيّ على الكمال والصواب ، وهذا كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم «من غشّنا فليس منّا» (٢) وفي الكلام حذف مضاف ، تقديره : فليس من التقرب إلى الله والثواب ، وقوله : «في شيء» هو في موضع نصب على الحال من الضمير الذي في قوله : (فَلَيْسَ مِنَ اللهِ).
قال أبو حيّان (٣) : «وهو كلام مضطرب ؛ لأن تقديره : «فليس من التقرّب إلى الله» يقتضي أن لا يكون «من الله» خبرا ل «ليس» ؛ إذ لا يستقل ، وقوله : «في شيء» هو في موضع نصب على الحال يقتضي أن لا يكون خبرا ، فيبقى «ليس» ـ على قوله ـ ليس لها خبر ، وذلك لا يجوز ، وتشبيهه الآية الكريمة بقوله صلىاللهعليهوسلم : «من غشنا فليس منا» ليس بجيّد ؛ لما بينّا من الفرق بين بيت النابغة ، وبين الآية الكريمة».
قال شهاب الدين (٤) : «وقد يجاب عن قوله : إن «من الله» لا يكون خبرا ؛ لعدم الاستقلال بأن في الكلام حذف مضاف ، تقديره : فليس من أولياء الله ؛ لأن اتخاذ الكفار أولياء ينافي ولاية الله ـ تعالى ـ ، وكذا قول ابن عطية : فليس من التقرّب ، أي : من أهل التقرب ، وحينئذ يكون التنظير بين الآية ، والحديث ، وبيت النابغة مستقيما بالنسبة إلى ما
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه مسلم (١ / ٦٩) وأبو عوانة في «صحيحه» (١ / ٥٧) وأبو داود (٣٤٥٢) والترمذي (١ / ٢٤٧) وابن ماجه (٢٢٢٤) والطحاوي في «مشكل الآثار» (٢ / ١٣٤) وابن الجارود (٥٦٤) وأحمد (٢ / ٢٤٢) وأبو يعلى (٢ / ٩٢٣) عن أبي هريرة.
وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.
وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
وأخرجه أحمد (٢ / ٥٠) والطبراني في «الأوسط» (٢ / ١٣٧) والدارمي (٢ / ٢٤٨) عن عبد الله بن عمرو مرفوعا. وأخرجه الطبراني في «الأوسط» كما في المجمع (٤ / ٧٩) عن أنس قال المنذري في «الترغيب والترهيب» (٣ / ٢٢) : وهو إسناد جيد وقال الهيثمي (٤ / ٧٩) : ورجاله ثقات.
وأخرجه أحمد (٣ / ٤٦٦ ، ٤ / ٤٥) والطبراني في «الكبير» والأوسط. والبزار كما في «المجمع» (٤ / ٧٨).
وقال الهيثمي : وفيه جميع بن عمير وثقه أبو حاتم وضعفه البخاري وغيره.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٢ / ٤٤١.
(٤) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٩.