وقول الآخر : [الرجز]
١٣٧٩ ـ إنّي إذا ما حدث ألمّا |
|
أقول : يا اللهمّ ، يا اللهمّا (١) |
وقال الكوفيون : الميم المشددة بقيّة فعل محذوف ، تقديره : أمّنا بخير ، أي : اقصدنا به ، من قولك : أممت زيدا ، أي : قصدته ، ومنه : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) [المائدة : ٢] أي : قاصديه ، وعلى هذا فالجمع بين «يا» والميم ليس بضرورة عندهم ، وليست عوضا منها.
وقد ردّ عليهم البصريون هذا بأنه قد سمع : اللهمّ أمّنا بخير ، وقال تعالى : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) [الأنفال : ٣٢] فقد صرّح بالمدعوّ به ، فلو كانت الميم بقية «أمّنا» لفسد المعنى ، فبان بطلانه.
وهذا من الأسماء التي لزمت النداء ، فلا يجوز أن يقع في غيره ، وقد وقع في ضرورة الشعر كونه فاعلا ، أنشد الفرّاء : [مخلّع البسيط]
١٣٨٠ ـ كحلفة من أبي دثار |
|
يسمعها اللهم الكبار (٢) |
استعمله ـ هاهنا ـ فاعلا بقوله : يسمعها.
ولا يجوز تخفيف الميم ، وجوّزه الفراء ، وأنشد البيت : بتخفيف الميم ؛ إذ لا يمكن استقامة الوزن إلا بذلك.
قال بعضهم : هذا خطأ فاحش ، وذلك لأن الميم بقية «أمّنا» ـ على رأي الفراء ـ فكيف يجوزه الفراء؟ وأجاب عن البيت بأن الرواية ليست كذلك ، بل الرواية : [مخلّع البسيط]
١٣٨١ ـ ............. |
|
يسمعها لاهه الكبار |
قال شهاب الدين (٣) : «وهذا لا يعارض الرواية الأخرى ؛ فإنه كما صحّت هذه صحت تلك».
ورد الزّجّاج مذهب الفراء بأنه لو كان الأصل : يا الله أمّنا للفظ به منبّها على الأصل ، كما قالوا ـ في ويلمّه ـ : ويل لأمّه.
وردوا مذهب الفراء ـ أيضا ـ بأنه يلزم منه جواز أن تقول : يا اللهم ، ولما لم يجز
__________________
(١) البيت لأبي خراش الهذلي ينظر شرح ابن عقيل ١٤٠ والإنصاف ١ / ٣٤١ والدرر اللوامع ١ / ١٥٥ وشرح شواهد ابن عقيل ص ٢١٧ والهمع ١ / ١٧٨ وأوضح المسالك ٤ / ٣١ وشرح أشعار الهذليين ٣ / ١٣٤٦ والبهجة الرضية ١٤٠ ، والخزانة ٢ / ٢٩٥.
(٢) تقدم برقم ٣١.
(٣) ينظر : الدر المصون ٢ / ٥٤.