هنا (وَمَنْ عَصانِي) يفصل بينه وبين كافة العصاة مهما كانوا من ولده الأقربين ، فليسوا ـ إذا ـ من اهله ، كما هناك (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) تجعل كافة المؤمنين من اهله ، فانما هي آصرة التقوى آهلة لتجعل أهلها أهلا ، والطغوى قاحلة مستأصلة لكل اهل عن أهليته : (يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) (٢٣ : ٢٧).
فمواصلة التقوى لا تعرف وتميّز قريب اللّحمة عن بعيدها ، كما مفاصلة الطغوى لا تفرق بين قريبها وبعيدها وكما يروى عن رسول الهدى محمد (ص) «ان ولي محمد من والى الله ورسوله وان بعدت لحمته وان عدو محمد من عادى الله ورسوله وان قربت لحمته» فلا يصدّق ما اختلق عليه «الصالحون لله والطالحون لي».
هنالك بين الناس ناس وأشباه ناس ونسناس ، فالمعصومون ـ على درجاتهم ـ هم الناس وأشياعهم هم أشباه الناس ، وسائر الناس هم نسناس ، وقد شملت الآية الطوائف الثلاث (١).
__________________
(١) نور الثقلين ٢ : ٥٤٧ في روضة الكافي ابن محبوب عن عبد الدين غالب عن أبي عن سعيد بن الميت قال سمعت علي بن الحسين (ع) يقول : ان رجلا جاء الى امير المؤمنين (ع) فقال : أخبرني ان كنت عالما عن الناس وعن أشباه الناس وعن النسناس فقال امير المؤمنين (ع) يا حسين أجب الرجل فقال الحسين (ع) اما قولك أشباه الناس فهم شيعتنا وهم موالينا وهم منا ولذلك قال ابراهيم (ع) (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي) ... أقول وفي حديث آخر سأله (ع) رجل عن الناس فقال للحسن (ع) أجبه فقال : نحن الناس وشيعتنا أشباه الناس وسائر الناس نسناس ثم أقول : وهذا التقسيم الثلاثي تستفاد من كلام الحسين (ع) مهما كان ظاهر الجواب عن أشباه الناس ، فالناس ـ إذا ـ هم الناس ، وسائر الناس لا ناس ولا أشباه ناس ، فهم ـ إذا ـ نسناس. وفيه عن امالي الطوسي باسناده الى عمر بن يزيد قال ـ