يعم (فَمَنْ تَبِعَنِي) متابعيه من ولده وسواهم (فَإِنَّهُ مِنِّي) وان بعدت لحمته ، كما (وَمَنْ عَصانِي) يعم العصاة من ولده وسواهم ـ فليس مني ـ وان قربت لحمته.
إذا ف (وَمَنْ عَصانِي) يعم كافة العصاة لشرعة الله ، المجانبين سلوكه ومسلكه ، سواء أكانوا ملحدين او مشركين ، ام موحدين عصاة متخلفين عن عملية الايمان كلا او بعضا ، وبذلك تنحل المشكلة العويصة في (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ـ (وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٢ : ١٢٦) (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ... مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ، وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ...) (٩ : ١١٤).
فان الاستغفار لأصحاب الجحيم محرم في شرعة الله ولا سيما للمشركين ، فكيف يرجو ابراهيم لمن عصاه وأشرك (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) غلطة ذات بعدين ثانيهما التحقق من غفر الله ورحمته؟.
والجواب ان «عصاني» يعم كل عصيان وقد يستثنى الإشراك بالله ممن مات مشركا ، واما العصاة في غير الإلحاد والإشراك ، ام المشركون التائبون (فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مهما كانت هنالك شروط ، وهنا الخليل الحنون تبدو سمته العطوفة حين لا يطلب الهلاك لمن عصاه من نسله وسواه ، فلا يستعجل لهم العذاب بل ولا يذكر العذاب ، وانما يكلهم الى غفران الله ورحمته ، ويلقي على الجو ظلال الرحمة والمغفرة ، حيث يتوارى ظل المعصية!.
فبرحمته يهدي من ضل منهم ان شاءوا ، وبغفره يغفر العصاة من المهديين وسواهم ، كمن أشرك ثم تاب.