ولماذا «بني» بعد «واجنبني» دون المؤمنين اجمع ، او من بنيه ، او الناس أجمعين؟ .. انه تطبيق لترتيب التربية في الدعوة كما قال الله : (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) (٦٦ : ٦) (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢٦ : ٢١٤) ابتداء بنفس الداعية في بعدي التحقيق والدعاء للمزيد ، ثم الأقرباء والأنسباء ، ثم سائر الناس.
وقد يعني من «بني» الأنبياء من ذريته كإسماعيل وإسحاق وذريتهما ، وكما تلمح له (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) إسلاما لهم كما لهما ، ام وفوقه كما في محمد (ص) وعترته المعصومين عليهم السلام.
ولماذا «الأصنام» فقط وعبادة الطواغيت اشر واطغى؟ لأنها أعم حيث يعبدها المستضعفون المضلّلون بطواغيتهم الدعاة إليها مهما كانوا هم معبودين لهم كوساط في تلك العبادة.
ففرعون نفسه ونمرود واضرابهما كانوا يعبدون أصناما كما كانوا يعبدون ، فالأصنام اشمل صيغة تعمّ كل معبود سوى الله ، هكذا ، ام وهي أعم من أدناها النفس الامارة بالسوء ، وأعلاها الطواغيت ، وهذا المثلث هو الأصنام مهما اختلفت دركاتها ، كما وان عبادة الله ـ ايضا ـ درجات.
ولماذا «واجنبني» ضما لنفسه في بنيه وهو صون بالعصمة الإلهية عما دون ذلك فضلا عن عبادة الأصنام؟ انه طلب للثبات على شرعة التوحيد ، كما يطلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ضمن سائر المكلفين (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ).
ودرجات ذلك الجنب تختلف حسب درجات المجنبين كدرجات الهداية الإلهية حسب المهتدين.