في تعديد هذه النعم السابغة حملة جميلة بسياط الكون النعمة ، بسماواته وارضه وما فيهما وما بينهما ، سياط ذات إيقاع ورنين على هذا الإنسان الظلوم الكفار اللعين يختم بدوره الدائر الحائر بتعجيز الإنسان عن إحصاء نعمت الله ، فضلا عن شكرها والحيطة بها.
هذا الكون الهائل الكبير ، سخره الله لهذا الإنسان الغافل الصغير ، فيا ليته استشعر النعمة وشكرها لصالحه استمرارا صالحا له ، في حياة مشرقة مشرّفة ، ولكن (إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)!
(آتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ) أترى السؤال هو بلسان القال ام والحال على أية حال؟ ثم الكل هل يستغرق كل سؤال من كل سائل بلسان قال ام حال؟ وهنالك سائلون كثير لا يستجابون!
«من» قد تعني التبعيض ، ولأن الاسئولة المختارة ليست كلها بحق ولصالح السائل ام سواه ، فسؤال الحال ، المقتضية لرحمة ربانية ، مستجاب على أية حال ، ف (رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٢٠ : ٥٠) هداية الى قضية الحال وهي من خلقه تعالى.
واما الاسئولة المقالية ، واقعية ام لفظية ، فقد تستجاب حين تتوفر شروطها ، وقد لا تستجاب إذ لا تتوفر ، ام تستبدل بما لم يسأله وهو قضية الحال ، تقديما لسؤال الحال الصالحة على سؤال القال غير الصالحة.
والسؤال ـ ككل ـ يعم من في السماوات والأرض : (يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (٥٥ : ٢٩)(١) ولان (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (١٦ : ٥٣) وسؤال الكائنات من ايّ سئول كان يبتدء بسؤال الذات والأفعال والصفات ، ثم ما تقتضيه الحال ثم المقال ،
__________________
(١) راجع الرحمن ٣٠ في الجزء ٢٧ ص ٣٧ ـ ٤٠ تجد فيه قولا فصلا عن «يسأله».