هذه الآية على غرار آية البقرة (اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) قد تعني ـ فيما عنت ـ الايمان الكامن في فطرهم ، المصدّق بعقولهم ، الكائن بآياته الآفاقية والأنفسية بمحضرهم ، فهم بدلوه. كفرا تعاميا عنه وتناكرا له وتغافلا : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢ : ٢١١) (وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) (٢ : ١٠٨) ، والنعم الآفاقية من رسل وبينات هي ايضا مما تبدّل كفرا
ف (نِعْمَتَ اللهِ) تعم الأنفسية فطرية وعقلية وايمانية ، وتبديل الأخيرة هو بالارتداد ، وآفاقية وهي كل النعم المنفصلة المفصلة في الكائنات ، وكلّ هذه النعم تتمحور توحيدا لله فإنه نعمت الله الوحيدة غير الوهيدة ، المحلّقة دلاليا ومدلوليا على كافة الآيات الآفاقية والأنفسية.
ثم إن نعمت الله ولا سيما الإيمان تتطلب شكرا ، ولكنهم لم يشكروا ، بل وبدلوه كفرا ، فلو أنهم لم يكفروا ، أم كفروا ولم يحلوا قومهم دار البوار ، لم يكن لهم صلي جهنم وبئس القرار ، مهما دخلوها على هوامش من هم صالوا النار.
ولان البوار هو فرط الكساد لحد الفساد ، كما يقال كسد حتى فسد ، فدار البوار لهم تشمل الآخرة والأولى ، فقد أحلوهم بداية دار البوار الدنيا ، إذ حملوهم على الإخلاد إلى الأرض واتباع الهوى وفرط الأمر ، ومن جرّاءها دار البوار الأخرى ، بوار أبور من الأولى ، حيث (يَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ).
فهؤلاء هم أئمة الكفر ، وحملة رايات الضلال كما :
(وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ)(٣٠).
والند هو المثل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) والأمثال المجعولة لله تعم حقل