وفي الآخرة ، فان كلمة التوحيد الثابتة في الحياة الدنيا هي أثبت في الآخرة ، لأنها يوم تبلى السرائر كما هي ، وهي مثال الدنيا باعمالها كما هي ، وبصرك اليوم حديد.
(وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) عن القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ومن أظلمهم المشركون ف (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) اضلالا بما زلوا وضلوا : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) إضلالا في الحياة الدنيا فلا يهتدون ، وفي الآخرة فيضلون طريق الجنة كما ضلوا عن طريقها في الحياة الدنيا (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) ولا يشاء إلا صالح العباد ، فرحمة بتثبيته لصالحهم ، وإضلالا لطالحهم ، عدلا هنا وفضلا هناك ولا يظلمون نقيرا.
ثم الايمان بالقول الثابت ـ وهو اصل المعني بين المحتملات ـ هو ايمان بما تقتضيه كلمة التوحيد من ملاحقة واستقامة : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ ..) (٤١ : ٣٠).
ولو لا تثبيت من الله بالقول الثابت لم يكن ثبات حيث الزلات والضلالات كثرة ، والطاقة الانسانية قلة.
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ (٢٨) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ)(٢٩).
(نِعْمَتَ اللهِ) هنا هي الإيمان إذ قوبلت بالكفر ، وأنه قمة النعمة ، فهم بدلوا الايمان كفرا ، ثم (أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) أن بدلوا إيمانهم كفرا كما بدلوا على أنفسهم ، تبديلا ذا بعدين بعيدين عن (نِعْمَتَ اللهِ) فلذلك (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) إيقادا لها لأنهم أئمة الكفر (وَبِئْسَ الْقَرارُ).
أترى أئمة الكفر كانوا مؤمنين ثم بدلوه كفرا ، وهم ما آمنوا من ذي قبل حتى يبدلوه كفرا ، اللهم إلّا بعضا منهم بإيمان النفاق وليس إيمانا؟.