فان صدق عليه سلطان ـ ولا يصدق ـ فهو سلطان لا ينافي التكليف ، والاستثناء إذا متصل ، ولكنه لا يلائم معناه لغويا وهو التمكن من القهر إذ لا قهر في سلطانه ، إلا تجريدا له عن القهر في المستثنى ، فهو مطلق التأثير ، إذا فلا فرق معنويا بين انقطاع الاستثناء واتصاله ما لم يكن له سلطان القهر.
وهذه وخزة معيرة مغيرة على أتباعه إذ قضي الأمر فلا مناص ولات حين خلاص : (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي).
دعوة تزيّن لهم الباطل فيحسبونه حقا ، وتصوّر لهم الحق باطلا ، فهنالك استحوذ الشيطان على أولياءه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
وللشيطان دعوات عدة في مختلف الحقول ، ولمختلف العقول ، لا تملك أية برهنة وسلطان إلّا نفسها بكل زور وغرور فانه غرور.
(إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) تشمل كافة دعواته وكافة الإجابات له على طول الخط ، مهما اختلفت في الصورة ، فانها سيرة واحدة.
ليست دعوة الشيطان لغير المخلصين على حدّ سواء ، بل له خطوات يخطو بها الى أهدافه حسب الظروف والإمكانيات.
فقد يدعو ويستجاب بسهولة ، وهذه لمن يتولونه وهم به مشركون ، وأخرى بصعوبة ومحاولات عدة وهي لمن يؤمنون بالله ، وهنالك صراعات وصدامات بين الشيطان بخيله ورجله وبين هؤلاء قد يغلبون وقد يغلبون وأخرى عوان بين ذلك ، وثالثة مستحيلة وهي بالنسبة للمخلصين من عباد الله حيث أخلصوا أنفسهم فأخلصهم الله ، فلا سبيل إليهم من الشيطان.
وبصيغة جامعة الغاوون هم الذين له إليهم سبيل وعليهم سلطان