والقرآن يجمع بين ما هنا وهناك ، حجة قارعة بارعة لمن القى السمع وهو شهيد.
(قالَ .. إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) وعدا يملك كل مؤشرات وبراهين الحق من برهان الواقع وواقع البرهان ، دونما تخلف لوعده عن حكم الفطرة والعقل والشرعة والواقع يوم الدنيا ، والذي سوف يقع يوم الدين.
وقد يعني المضي في «قال» إضافة الى مستقبل متحقق الوقوع ، قاله في ماضيه منذ اصطكاكه بالمكلفين ، وطبعا لا يتفهمه إلا من يعتقد في قضاء الأمر ، حيث يتعرف الى قاله من أفعاله ، والى أفعاله من قاله.
ثم (وَعْدَ الْحَقِّ) دون (الْوَعْدُ الْحَقُّ) يلمح لتحقيق الوعد الحق في كل حقوله ، دون الوعد فقط ، فمن الواعدين من يعد حقا ثم يمنعه مانع ام يقضي نحبه قبل قضاء وعده ، وقد لا يعد أمرا ثم يحققه ، ولكن وعد الله هو وعد الحق.
وقد تعني اضافة «وعد» ب «الحق» كل تقديراتها ، وعدا بالحق ووعدا في الحق ووعدا للحق والى الحق ، حقا في الوعد وفي تحقيقه وفي تطابقه لقضية الفطر والعقول ، فلا تجد اي تخلف في وعد الله الحق ، مستغرقا كل حق موعود دونما استثناء ، حقا في الأولى وفي البرزخ والأخرى ، وقد تبين لهم كله في الأخرى ، وهنالك يخسر المبطلون.
(وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) إخلافا في اصل الوعد لكذبه ، وإخلافا في تحقيقه حيث لا يقدر عليه ولو صدق ، إذ لا يملك من دون الله من شيء.
وذلك الإخلاف ليس ـ فقط ـ يظهر (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) بل ويوم الدنيا لمن أبصر بها فبصّرته ، دون من أبصر إليها فأعمته.
فوعده ـ إذا ـ وعد الباطل ، وجاه وعد الحق لله ، وكان وعد الله