ام انه امر الحساب حين استقر اهل الجنة في الجنة واهل النار في النار؟ وهنالك امر لم يقض بعد وهو خروج جمع من اهل النار من النار! وإمر الخطاب هذا لأتباعه عذابا فوق العذاب ليس إلّا بعد قضاء كل أمر!
قد يجمع الأمر هنا كل أمر يرجع إلى أهل الجمع وقد قضي الأمر كله ، وكما يلمح له لام الاستغراق في الأمر ، مهما شمل مثلث الأمر قبله ، ورباعية الأمر لا تنافي «وقال» فانه كل قالة من الشيطان تختصر وتحتصر في هذه القالة.
وترى «الشيطان» هنا تعم شياطين الجن والإنس؟ وظاهر الصيغة إفراده ، وإلّا لكان «الشياطين» كما في أمثالها السبعة عشر الأخرى! وانه رئيس الشياطين المضللين : (قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (٣٨ : ٨٣)! وان «كم» في «وعدكم» و «وعدتكم» تشمل كافة الضالين من مستكبرين ومستضعفين من الجنة والناس أجمعين! ولم يذكر «الشيطان» في موارده السبعين إلّا ويعني إبليس ـ فقط ـ دون حزبه ، اللهم إلا بقرينة ك (طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ) (٧ : ٢٠١) و (شَيْطاناً مَرِيداً) (٤ : ١١٧) و (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) (٤٣ : ٣٦).
فالشيطان ـ إذا ـ هو الشيطان ، رئيس المضلين والضالين منذ التكليف الى يوم الدين.
في هذه المحاضرة الشيطانية ـ المحاذرة ، ينهار سائر الشياطين صغارا وكبارا ، وعلى هامشهم كل من استجاب له.
ويا لها من كلمة قصيرة الأداء طويلة المدى ، بعيدة الصدى ، تضرب الى الاعماق ، وتخرق الآفاق ، فتضيف الى جحيم النار لأتباعه جحيم الندامة والحسرة الحاسرة ، حيث يعرّف بنفسه هناك كما عرّف الله به هنا ،