جهنمية على كافة الضالين من الضعفاء والمستكبرين ، منددا بهما جميعا ، ومرددا ضلاله وضلالهم جميعا ، كافرا بما اشركتموه من قبل (إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) :
(وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢٢).
اجل! «إنه يعظم إبليس لجهنم» (١) ويقول قولته النادمة ، الصارخة الصارحة للحق ، إذاعة بمذياعه الحاشر أتباعه ، الحاسر عن مكائده ومصائده وعن كل شيطناته طول حياة التكليف ، فتبدو شخصيته هناك على أتمها كما بدت شخصية الضعفاء والمستكبرين ، في طعنة اليمة نافذة ناشزة ، حيث لا يملكون عليه ردا ، ولا لأنفسهم مردا ، فانه مصارحة له (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ) وما هو هذا الأمر؟ هل إنه أمر حياة التكليف منذ الموت في الحياة البرزخية؟ ولما يقض كل الأمر إلا إشخاص الأمر لأشخاصه! «وقال» تلمح لمرة واحدة في ذلك الخطاب للضالين كلهم! والحساب فيه مؤقت برزخ! أم إنه أمر التكليف ككل عند قيامة الإحياء قبل الحساب؟ ولم يقض كل الأمر ، فان امر الحساب إمر هو امرّ من أصل القيامة!
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٧٤ ـ اخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقضى بينهم ـ وفيه ذكر تسلسل الشفاعة من آدم الى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم : ويقول الكافرون عند ذلك قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ما هو الا إبليس فهو الذي أضلنا فيأتون إبليس فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم قم أنت فاشفع لنا فانك أنت اضللتنا فيقوم إبليس فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد قط ثم يعظم لجهنم ويقول عند ذلك : ان الله وعدكم وعد الحق ..