خالية عن الموعظة ، فقد تتقدم لها الحكمة الحسنة ثم الموعظة ، ام تتقدم الموعظة الحسنة ثم الحكمة تربطها ، حسب اختلاف القلوب المهتدية في حاجياتها الدعائية.
فإذا كانت الحكمة او الموعظة سيئة انقلب الى أضل مما كانت ، وإذا كانت حسنى الموعظة والحكمة ، فهي قمة الدعوة ولكنها ليست ضرورية ، فبحسب الدعوة للمهتدين تكون الحكمة والموعظة الحسنة.
ثم إذا كان الحوار مع من ضل عن سبيل ربك ، متعنتا ضد الحق ، متفلتا عنه ، متلفتا الى الضلال والإضلال ، فلا الحكمة الحسنة تنجيه ، ولا الموعظة الحسنة تكفيه ، هنا يأتي دور الجدال بالتي هي احسن ، لا السيء ولا الحسن ، والجدال هي المفاوضة على سبيل المنازعة والمغالبة وأصله من جدلت الحبل اي أحكمت فتله ، فكأن المتجادلين يفتل كل واحد مجادلة عن رأيه.
ام هي الصراع وإسقاط الإنسان صاحبه على الجدالة وهي الأرض الصلبة.
ولا يسمح في الجدال على أية حال إلا إذا لزم الأمر ، ولم تؤثر الحكمة والموعظة الحسنة الأثر المرام ، ثم لا يسمح فيه إلّا بالتي هي أحسن ، وطبعا إذا أثرت الحسنى ، وإلا فحربا حربا : (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ).
فليطامن الداعية أمام من ضل من حماسه واندفاعه ، فلا يتحامل عليه ولا يسيء إليه ، بل ويحسن كأحسن ما يرام حتى يطمئن إليه ، ويشعر ان ليس هدفه القضاء عليه ، فما هو ميدان مصارعة يصرع كلّ خصيمه بمختلف الحيل ، وإنما الهدف في الحوار كشف القناع عن الحق ، سواء أكان مع الداعية او المدعو ف (إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ).