والحكمة هي هيئة خاصة من الحكم وهو الوصل بين منفصل ، الذي فصاله خلاف الحق والتربية الإلهية ، والحكمة الحسنة هي التي تحكّم عرى فطرية او عقلية او علمية او عملية منفصمة ، فترجعها الى حالة حكمية خارجة عن اي تفسخ وانفصام وعند ذلك تتجلى الحقيقة كما هيه.
ومن حسنة الحكمة رعاية أحوال المدعوين وظروفهم حتى لا تثقل عليهم الحكمة فتبوء بالخسار والفصال اكثر مما في الحال ، فعلى حسب القابليات تؤثر حكيمة الفاعليات فتسود الدعوات ، وإذا زادت او نقصت نقضت ، وإذا سادت انتفضت ، وليكن الداعية طبيبا دوارا بطبّه يضع الدواء حيث الحاجة اليه ، بعد معرفة الداء والدواء.
فمن الناس من تنقصه الحكمة العقلية فلا تفيده غيرها ، ام تنقصه الحكمة العلمية فلا تفيده العقلية ، وكما منهم من تحكمت حكمه كاملة عقلية وعلمية اما هيه ، ولكن تنقصه الموعظة الحسنة ، ام تحكمت عنده الموعظة ولكن تنقصه الحكمة.
فليكن الدّاعية بصيرا بمواضع الحاجة فيضع الدواء حيث الداء حتى تأتيه الشفاء.
فالحكمة الحسنة تأخذ بازمة القلوب المهتدية فهي لها شعار ، وقد تكفيها هدى إذا دخلت شغافها ، وقد لا تكفيها فهي ـ إذا ـ بحاجة الى دثار الموعظة الحسنة التي تدخل القلوب برفق ، وتتعمق المشاعر بلطف ، دون اي زجر وتأنيب ، ولا بفضح الأخطاء التي تحصل عن جهالة ، فان الموعظة الحسنة كثيرا ما تهدي القلوب الشاردة ، وتؤلف النافرة الماردة ، فهي بأحرى ان تلين القلوب المهتدية التي لا تطمئن ـ فقط ـ بالحكمة الحسنة ، لضعف العقلية او العلمية ام صلابة الطوية.
فمن القلوب ما تحتاج الى كلتا الحسنتين ، لأنها خاوية عن الحكمة ،