النظر عن الموصول صفة على البدل ام جنس تشمل اكثر من واحدة ، ولو خصت الموعظة بالحسنة لتقدمت بوصفها على الحكمة ، فكما الموعظة في الدعوة مشروطة بالحسنة ، كذلك وبأحرى الحكمة ، فانها ان خلت عن الحسنة ما أثرت كما يرام ، فلتكن الحكمة على أية حال في زواياها الثلاث حسنة لينة ، كما الموعظة.
وانما يكتفي فيها بالحسنة ولا يكتفي في الجدال إلا التي هي أحسن ، لأنهما ليستا إلا وجاه الذين يهتدون فتكفيهم الحسنة وإن كانت الحسنى فبأحرى ، ولكن الجدال فهي وجاه المنازع المكابر ، فلا بد من كسره بالتي هي احسن حيث لا تبقي له رمقا وحيوية في الدعاية الباطلة.
فسبيل ربك هي السبيل القمة التي رباك ربك لها ، فأنت تدعو العالمين الى هذه السبيل التي تجتازها قبلهم الى الحق المرام.
فليست هذه الدعوة إليك فما أنت الا رسولا ، ولا الى ربك إذ لا يصل اليه احد ، ولا الى سبيل رب العالمين فان السبل الى الله بعدد أنفاس الخلائق ، وانما (إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) السبيل التي رباك فيها ربك وهداك إليها وهي القمة التربوية الرسالية ، فأنت السبيل الى ربك (١) فلتكن الدعوة بالقرآن وبالسنة الرسالية لرسول القرآن (٢) لأنها دعوة بالتي هي احسن.
__________________
(١) المصدر في الكافي عن أبي عبد الله (عليه السلام) حديث طويل يقول فيه : فأخبر انه تبارك وتعالى اوّل من دعا الى نفسه ودعى الى طاعته واتباع امره فبدء بنفسه وقال : (وَاللهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ثم ثنى برسوله فقال : (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) يعني بالقرآن أقول : بالقرآن متعلق بالحكمة والموعظة الحسنة كما بالتي هي احسن.
(٢) نور الثقلين ٣ : ٩٥ عن تفسير القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال والله نحن السبيل الذي أمركم الله باتباعه قوله (وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) قال : بالقرآن.