يؤثر أثره ، دون سائر عوامل الموت حين لا يريد الله تأثيراتها في الموت.
ومن ثم فالظاهر من (كُلِّ مَكانٍ) هنا مكانات الجحيم البرزخية ، ثم (مِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) في الجحيم الأخروية.
إذا فلا دلالة ولا إشارة في (وَما هُوَ بِمَيِّتٍ) الى فرية معروفة على الله ان اهل النار مؤبدون فيها الى غير النهاية! (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)(١٨).
(الَّذِينَ كَفَرُوا) بالله وآياته قلبا وقالبا «أعمالهم» قالبا وقلبا «كرماد ..» فطالحات أعمالهم هباء دونما حاجة الى إهباء وإحباط ، وصالحات اعمالهم حابطة لأنها خابطة دون رباط بإيمان.
ولماذا (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ ..) إبدالا ، دون «مثل أعمال الذين كفروا»؟ علّه تعبير عن احتصار كيانهم الكافر في اعمالهم الكافرة ، باطنة وظاهرة ، علما وعقيدة وطوية ونية ، ثم بروزا لما في الجوانح في الجوارح ، فقد استأصل ذلك المثل كيانهم ـ ككل ـ في اعمالهم الهباء الخواء ، حيث الله منها براء : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) (٢٥ : ٢٣). إذا (فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً) (١٨ : ١٠٥) إذ خفت موازينهم! فمثل هذه الأعمال الخاوية عن الإيمان ، كرماد مركوم ، متصلة الظواهر ، منفصلة بعضها عن بعض وعن مكانها ، يخيّل إلى الناظر الغافل أنه شيء ، ثم إذا اشتدت به الريح في يوم عاصف ، تراه هباء منثورا (لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ)! .. وهكذا تكون الريح العاصفة يوم الحساب ، تعصف بأعمالهم فتجعلها هباء منثورا.