والاستثناء هنا ليس إلا عن ظاهر الكفر فان باطنه لا يكره عليه.
وهل يجوز ترك اظهار الكفر عند التقية النفسية؟ الآية انما تصد العذاب الأليم عمن اتقى ، فبطبيعة الحال لمن صمد على ظاهر الايمان كباطنه ، ولا سيما في تلك الظروف المحرجة ، فإن له جزاء الحسنى يوم الحساب ، فانه صادع بالحق وذلك أخذ برخصة الله (١) اللهم الا إذا كانت نفسه أنفس من ظاهر الايمان وانفع لكتلة الايمان ، فهنا التقية تقتضي تقديم النفس على ظاهر الايمان (٢).
__________________
ـ فلحقوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبروه بالذي كان من أمرهم واشتد على عمار الذي كان تكلم به فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت ، أكان منشرحا بالذي قلت ام لا؟ قال : لا ، قال : وانزل الله (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ)
وفيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه قال أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وذكر آلهتهم بخير ثم تركوه فلما أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما وراءك شيء؟ قال : شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك ، قال : مطمئن بالايمان ، قال ان عادوا فعد فنزلت (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ).
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ١٢٢ روي ان مسيلمة الكذاب أخذ رجلين فقال لأحدهما ما تقول في محمد؟ فقال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال ما تقول فيّ قال : أنت ايضا فخلاه وقال للآخر ، ما تقول في محمد؟ قال : رسول الله قال ما تقول فيّ؟ قال : أنا أصم فأعاد عليه ثلاثا فعاد جوابه فقتله فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : اما الاول فقد أخذ برخصة الله واما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئا له.
(٢) نور الثقلين عن تفسير العياشي عن أبي بكر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قال بعضنا : مد الرقاب أحب إليك ام البراءة من علي (عليه السلام) فقال : الرخصة أحب الي اما سمعت قول الله في عمار : الا من اكره مطمئن بالايمان.