فالكفر بعد الايمان من أردئ الكفر (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) على الكفر بعد الايمان (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) وهو اظهار الكفر حفاظا على النفس فيما إذا كانت النفس انفس من إظهار الإيمان.
ولأن الإكراه لا يؤثر إلا في الظاهر ، ف «اكره» لا تعني إلا ظاهر الكفر (وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) دون تزعزع وتلكع ، وكما حصل لعديد من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حين اضطروا الى كلمة الكفر وقلوبهم مطمئنة بالايمان (١).
__________________
ـ المؤمن؟ قال : قد يكون ذلك قال : هل يسرق المؤمن؟ قال : قد يكون ذلك قال : هل يكذب المؤمن قال : لا ، ثم اتبعها نبي الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أقول يعني من الكذب الذي لا يقوله المؤمن الكذب على الله.
وفيه اخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أخوف ما أخاف عليكم ثلاثا : رجل آتاه الله القرآن حتى إذا رأى بهجته وتردى الإسلام أعاره الله ما شاء اخترط سيفه وضرب جاره ورماه بالكفر قالوا يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيهما اولى بالكفر الرامي او المرمي به قال : الرامي ، وذو خليفة قبلكم أتاه الله سلطانا فقال من اطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله وكذب ما جعل الله خليفة حبه دون الخالق ، ورجل استهوته الأحاديث كلما كذب كذبة وصلها بأطول منها فذاك الذي يدرك الرجال فيتبعه.
(١) الدر المنثور ٤ : ١٣٢ ـ اخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال لما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يهاجر الى المدينة قال لأصحابه تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر الى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض فالحقوا أبي فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت فأصبحوا بمكة فاخذهم المشركون وابو جهل فعرضوا على بلال ان يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوها إياه قال : احد احد ، واما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك ، واما عمار فقال له كلمة أعجبتهم تقية واما الجارية فوتد لها ابو جهل اربعة أوتاد ثم مدها فادخل الحربة في قبلها حتى قتلها ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار ـ