لهم ـ لا للمؤمنين ـ وراء ، فهم في دنيا الحياة في وراء وعراء.
فالوراء ـ إذا ـ قد تكون الواقع الذي لا حول عنه ولا حول في إيجابه او سلبه ، والحياة الحساب ليست وراء بل هي أمام ، وقد تكون حياة الحساب حسب العقيدة والعمل الصالح لها ، فهي وراء لمن لا يعتقدها ولا يعمل لها ف (يَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) وهو أمامهم في الواقع ، ونرى الوراء في الحياة الحساب تختص في آياتها بناكريها دون المؤمنين فإنها لهم أمام.
وعل الوراء الأول هو البرزخ والثاني هو القيامة ، وقد يلمح له (عَذابٌ غَلِيظٌ) حيث البرزخ أمامه غير غليظ ، وهو وراء جهنم.
و (ماءٍ صَدِيدٍ) هو القيح السائل من الجرح (١) وهذه مرة يتيمة يعبر فيها عن ماء الجحيم بصديد ، وعلّه صدّ الحياة كحياة وإن كان ليس بميت.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٧٣ ـ اخرج احمد والترمذي والنسائي وابن أبي الدنيا في صفة النار وابو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي امامة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية قال : يقرب اليه فيتكرهه فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع امعائه حتى يخرج من دبره يقول الله تعالى : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم وقال : وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه.
وفي نور الثقلين ٢ : ٥٣٢ عن تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليه السلام) قال قال امير المؤمنين (عليه السلام) ان اهل النار لما غلى الزقوم والضريع في بطونهم كغلي الحميم سألوا الشراب فأتوا بشراب غساق وصديد (يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ) وحميم يغلي به جهنم منذ خلقت ، (كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَساءَتْ مُرْتَفَقاً).