ولكن فتاح الأمر هو وعد الله (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) وختامه تحقيقه (وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ) وبينهما استفتاح من أولاء ومن هؤلاء وأين استفتاح من استفتاح؟.
(.. كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ (١٦) يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ)(١٧).
(كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ. مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) إذا مات جبارا عنيدا ، ولماذا (مِنْ وَرائِهِ جَهَنَّمُ) و (عَذابٌ غَلِيظٌ) وهما أمام كل جبار عنيد حيث يستقبلونهما في مسيرة الحياة ومصيرتها؟
علّه لأنهم يستدبرونهما ايمانا إذ هم بهما كافرون ، مهما يستقبلونهما كواقع ، فجاء التعبير بالواقع المختار كما يزعمون دون الواقع على أية حال.
ثم «من وراءه» لا تخص وراء الأخرى ، بل والأولى ، فإن جهنم الحياة هنا هي من وراء ما يعتقدون وما يعملون خلفيّة لا حول عنها إلا بحول الله وقوته ، فالجبار العنيد يعيش جهنم الحياة ويعيّش من تحت وطأته إياها في الحياتين : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ..) ف «من وراءه» هنا وهناك ، تعني مخلفات وراء تخلفاتهم ، سواء أكان لهم في مثلث الحياة ، ام والآخرين حيث العمليات الكافرة تظلم الجو على عائشيه : (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً) (٧٦ : ٢٧) (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٢٣ : ١٠٠) (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً) (٤٥ : ١٠).
فلان الناكرين للقيامة يجعلونها وراءهم نكرانا ، وهم مقبلون الى الدنيا وشهواتها ، فجاعلون الأخرى وراءهم يوما ثقيلا ، لذلك نرى القيامة