(قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ) معترفين هناك بربوبيته الوحيدة ، معتذرين من ذلك الإشراك الخانق الماحق ، وهنالك الطامّة الكبرى حين يكذبون: (فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) كاذبون في أننا شركاء الله ، وذلك التكذيب هو طبيعة الحال من الملائكة والنبيين المعبودين ، فكما كانوا يكذبونهم يوم الدنيا يكذبوهم يوم الدين.
وهو قضية الحال للطواغيت إذ يظهر لهم كذبهم في دعواهم وكذب من اتخذوهم شركاء الله ، وهو خارقة الحال للأصنام حيث يجعلها الله تتكلم تكذيبا لمعبوديها.
فهم ـ إذا ـ في مثلث من ألوان التكذيب إن كانوا عابديهم أجمعين ، ام زاوية او اثنتين فيما دون ذلك ، فالشيطان وهو أطغى الطواغيت يكذبهم في إذاعته الجهنمية (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ ..) (١٤ : ٢٢) والأصنام (إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (٣٥ : ١٤).
والصالحون يكذبونهم وبأحرى لهم وأولى كما في عيسى (عليه السلام) : (وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ قالَ سُبْحانَكَ ...) (٥ : ١١٦).
والملائكة : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ. قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (٣٤ : ٤١).
ذلك تكذيبهم في انهم شركاء ، ومن ثم تكذيب لعبادتهم إياهم : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ. فَكَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنَنا