يستحق عدلا ، فما كان هنالك مجال للتخفيف فضلا وعدلا دون تجديف فيه بحق المظلومين ، فهو لا محالة كائن ، إذ سبقت رحمته غضبه ، وقد لا يكون إلا بحق الخارجين عن النار بأمد قريب أم غريب وهم أهل التوحيد كتابيين وسواهم ، وطبعا تخفيفا عما سوى ظلمهم بحق الناس.
(فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) تخفيفا ظالما بحق الآخرين (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) تأجيلا لعذابهم عن اجله المحتوم ، إذ فات زمن الإنظار في حياة التكليف بالتبشير والإنذار ، وأما اليوم فلات حين قرار ، لا عن أصل العذاب ولا عن حدّه او أمده بداية ونهاية فإنه قضية العدل.
وقد يقطع ذلك الصمت الى سمت آخر فيه إذن الكلام حوارا حائرا مائرا بين اهل النار لا تزيدهم الا حسرة وكسرة يوم التغابن الحسرة.
(وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ ، قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) ٨٦.
(الَّذِينَ أَشْرَكُوا) تعم عامة المشركين ، من عبدة الأصنام والطواغيت والملائكة والنبيين ، دون اختصاص بفريق دون آخرين ، ف «شركائهم» هم كل هؤلاء حيث يتراءون يوم الحساب لفصل الخطاب ، وهؤلاء الشركاء بين معذب معهم في النار كالطواغيت ، ام حصب معهم في النار كالأصنام (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) (٢١ : ٩٨) إزراء بالمعبودين المصحوبين مع العابدين ، ام مكرمون يكذبونهم في اشراكهم إياهم بالله: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ).
وانما «شركائهم» دون «شركائي» لأنهم هم المختلقون ، فلا اشتراك لهم مع الله إلا حسب زعم عابديهم ، و «شركائي» تلمح الى شيء من واقعية الشركة ، كما قد تصرفها عنها فيما أتت «شركائي» قرينة قاطعة : (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (٢٨ : ٧٤).