الظلم وحملته الرؤس والهوامش احتلوا طول التأريخ حتى أراضي الدعوة للمرسلين ، فكيف «لنسكننكم أرضهم» وبعد (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ)
وترى ما هو مقام الرب وليس له قيام مصدرا ام زمنا او مكانا كما هي معاني المقام؟
اضافة المقام الى الله تجرّده عن كل مقام لمن سوى الله ، وتستخلص له من المقام قيامه بذاته وبأمر الربوبية في الدنيا والآخرة ، فهو القيوم في ذاته وصفاته وأفعاله ، مقامات ثلاث ، وهي دون الأولى بين جمال وجلال ، ومقام جلاله جل جلاله هو موقف القدرة والجبروت ومكانة العزة (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) (٧٩ : ٤٠) (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (٥٥ : ٤٦)(١).
فمن قيامه تعالى بالقسط جزاءه العدل يوم القيام حيث (يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) والى سائر قيامه في سائر الحياة و «ذلك» الانتصار التام ليس لكل مدع للايمان ، وانما (لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) والخائف مقام الرب ووعيده لا يخاف مقام سواه في تحقيق مرضاة الرب وتطبيقها في المجتمع قدر المستطاع ، وقد عبر عنهم في بشارة اخرى بالصالحين (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) وفي ثالثة ب (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ومن أصلح الصالحات الإيمانية محاربة الظلم ومحاولة بسط العدل دون تساهل وخمول ، والساكت عن الظلم شيطان أخرس.
ومن الخائفين مقام ربهم ووعيده قوم يضحكون جهرا في سعة رحمة ربهم ويبكون سرا من خوف عذاب ربهم يذكرون ربهم بالغداة والعشي في البيوت الطيبة والمساجد ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ويسألونه بأيديهم
__________________
(١). راجع الفرقان ج ٣٠ ص ٩٦ ـ ٩٧ و ٢٧ : ٤٨ ـ ٤٩.