وبعد ذلك التهديد اللهيب يطمئنهم الوحي الحبيب : (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) باستئصالهم قبل ان يحققوا وعيدهم على المرسلين (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) وعدا لهم عليهم غير مكذوب ، وأصدق المصاديق لهلاك الظالمين ـ ككل ـ وإسكان النبيين الأرض مكانهم ، هو آخر الزمن حيث يقوم القائم المهدي (عليه السلام) بالحق والعدل المطلق (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ. إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ) (٢١ : ١٠٥ ـ ١٠٦).
ذلك مهما صدق هلاك هؤلاء وإسكان أولاء ، خلال الزمن الرسالي أحيانا حيث تقوم دويلات الحق ، ولكنها لا تدوم ولا يهلك الظالمون عن بكرتهم في هذه الدويلات.
إذا ف (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ) تعني ذلك الزمن حيث الهلاك الجماهيري للظالمين كونا وكيانا وسلطة ، ثم (لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ) بعد هلاكهم مهما كانوا موجودين ، فإن في زوال سلطتهم اضمحلالهم.
وهكذا وعد المرسلون ـ ككل ـ ولم يحقق وعده تعالى طول حياتهم السابقة ، فليكن في رجعتهم الخاصة زمن المهدي المظفر المنصور من آل محمد (ص) حيث يرجعون أنصارا لهذه الدولة المباركة ، واصحاب الالوية ، ثم من بعد موته (ع) يحكمون كما حكم.
وعل «الظالمين» هنا هم أئمة الظلم والضلالة حيث يرجعون مع أئمة الايمان والعدالة وكما في الخبر المستفيض «يرجع من محض الايمان محضا ومن محض الكفر محضا» وهذه رجعة بالاستعداد عامة ، كمن قبلهم خاصة من النبيين وأئمة الدين المعصومين (عليهم السلام) ثم رجعة بالاستدعاء لمن التمس من متوسطي الايمان ان يرجع مع من محض الايمان محضا.
وهكذا يجاب عن مشكلة «لنسكننكم» إذ لم يسكنوا أرضهم حيث