من نعم الله ، ولا سيما ظلال الليل ، وكل من الليل والنهار نعمة في موقعه : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ. قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (٢٨ : ٧٢).
(وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً) خلقية كانت كالكهوف وسائر النقب فيها ، ام صناعية كالتونلات التي هي ممرات للسيارات والقطارات ، حيث تكنها من سقطات الأحجار ، وكذلك البيوت الآمنة الفارهة المتخذة فيها ، المنحوتة منها : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً آمِنِينَ) (١٥ : ٨٢) (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) (٢٦ : ١٤٩).
(وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) والسرابيل هي الملابس فوقية ام تحتية ام شمولية ، وهي كلها لأهل الجحيم غير واقية (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) (١٤ : ٥٠) مهما كانت لنا واقية ، فلا هي القمصان فقط ولا المآزر ، وإلا لكان أحدهما قضية البيان في القرآن.
ولماذا فقط (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) دون «والبرد» وذلك أحرى بكونه نعمة وأحوج في قارص البرد؟ علّه لأنها تعني شديد الحر حيث لا تقي بأسه الحارق المارق إلا ضخام السرابيل من جلود الانعام ، والمخاطبون الأول بداية البعثة هم اهل مكة والمدينة كمنطلق الدعوة ، والبرد في هذه المنطقة قليل مرغوب فيه لا يتقى عنه.
ثم السرابيل الضخام الواقية عن الحر ، هي بطبيعة الحال واقية عن البرد ، فلا تعني السرابيل هنا كل الألبسة حيث الرقاق لا تقي لا عن برد ولا عن حر إلا طفيفا خفيفا.
(وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) بأس الحروب كالدروع الحديدية أما هيه ،