ام وان كانوا على علم بما كانوا قبلئذ فليعودن في ملتهم كأحد منهم سكوتا عما يدعون ف «ملتنا» لا تعني الملة الروحية بل هي هنا الملة والسلطة الزمنية ، فليست الملة لتخص الروحية منها ، وهنا القرينة على الزمنية ان المرسلين ليسوا قبل الرسالة الا مؤمنين وفي قمة الايمان نسبة الى سائر المؤمنين ، واحتمال الملة هنا الشرعة ليس يصنع حجة يمس ساحة الرسالة ، او يناحر حجة الرسالة بسابقة الايمان وهي لزام الرسالة ، كما ان آيات الاجتباء والاصطفاء ك (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وأضرابها تصريحات بهذه السابقة السابغة ، اضافة الى برهان إمكان الأشرف ، فلتكن الملة ـ إذا ـ الملة الزمنية بسلطتها الجبارة. وقد تفي «في» دون «الى» دلالة على هذا المعنى ، فقد كانوا فيهم كما هم في ظاهر الحال فليعودوا فيهم كما كانوا على تقية دون دعوة ظاهرة؟ وعله ـ فقط ـ ما يعنون ، ام هم مختلفون فيما يختلقون ، فالمعاني الثلاثة ـ إذا ـ معنية ، وكفى الثالث معنى أصيلا لا يحتاج إلى ابطال.
ثم الخطاب لا يخص المرسلين حيث يهدفون بما يتهددونهم حسم مادة الرسالة والدعوة لها ، فبقاء المؤمنين دون المرسلين بقية للدعوة ، وتوطيد للداعية مهما خرجت عن محيط الدعوة ، وكما صرحوا في شعيب (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا ..) (٧ : ٨٨) واما ذيل الآية (قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ) فلا يدل ـ ايضا ـ على الملة الروحية ، حيث البقاء تحت السلطة الزمنية الكافرة دون دعوة جاهرة باهرة ، وبعد انقضاء زمن التقية ، ذلك افتراء على الله في هذه السلبية ان الرسالة لا تحمل دعوة جاهرة ، وانما هي سرية خفية على تقية! فتقية الرسل في الوقت الذي تحرم فيه التقية ، تحسب من شاكلة الرسالة ، وهكذا رسالة خاملة خامدة فرية على الله كذبا (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ان نعود الى التقية في تلك الملة المشركة.