موصول بالله ، فائض بخاصة الله ، فاض عما سوى الله ، فما لصاحبه ألا يتوكل على الله؟! أيا كانت العقبات في سبيل الرسالة الشائكة بالشبكات ، المليئة بالأشلاء والدماء ... فتصبرا دونما زعزعة وزحزحة ، ودون انفراط وانفلات وحتى النفس الأخير.
ولمّا يرى الطغيان ذلك الصمود السائد في وجوه حاملي رسالات الله وواجهاتهم ، ولم تبق له أية باقية من حجة إلّا داحضة ، هنالك يتوسل بجبروت القوة وكما هي السنة السائدة بين حماقى الطغيان :
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ)(١٤).
تهدّد من الذين كفروا لرسلهم بإخراجهم من أرضهم نفيا عن بلادهم ، ام عودا في ملتهم ، ثم توعّد من ربهم (لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ).
ترى هذا إخراجهم من أرضهم فكيف عودهم في ملتهم ولم يكونوا فيها بدء حتى يرجعوا فيها عودا؟.
ألأن هذه مقالة الكفار ودعواهم أنهم كانوا قبل دعوى الرسالة في ملتهم ثم تحولوا عنها الى ملة التوحيد ودعوى الرسالة ، وكيف يصدق الكافر في قولته على المرسلين؟ ولكنما الدعوة الكافرة الباطلة لا تظل في كتاب الدعوة الحقة دون إبطال وإجابة! ولا نراها هنا!
أم خيّل إليهم انهم كانوا من قبل في ملتهم إذ لم يكونوا يتظاهرون بشيء من هذه وتلك ، فليعودنّ فيما كانوا؟ فكذلك الأمر!
ام ان العودة هي الصيرورة فلا تستلزم بداية الشرك؟ ولو عنتها لجيء بلفظ الصيرورة دون العودة!.