كذلك شرابها العسل لكنه الأسود بدل الأبيض والحمرة الضاربة الى السواد ، والأصفر منه اكثر.
(فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وتنوين التبعيض في «شفاء» مما يسد ثغرة الاستغراق ، لأنه مبالغة وإغراق ، فان من الأدواء ما ليس العسل له دواء بل ويزيده بلاء كالمرار والصفراء وكما القرآن الممثل له بالعسل (ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) وكما
يروى عن رسول الهدى (ص) «عليكم بالشفائين العسل والقرآن» (١).
ثم (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) قد تلمح انه شفاء للأكثرية الساحقة من الأدواء ، فانه يلحمّ الجراحات ظاهرة وباطنة (٢) وحقّ له ان يحلّق شفاء
__________________
(١). الدر المنثور ٤ : ١٢٣ ـ اخرج جماعة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : انه قال : ....
(٢) المصدر اخرج احمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري ان رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان اخي استطلق بطنه فقال اسقه عسلا فسقاه عسلا ثم جاء فقال ما زاده الا استطلاقا قال اذهب فاسقه عسلا فسقاه عسلا ثم جاء فقال ما زاده الا استطلاقا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صدق الله وكذب بطن أخيك اذهب فاسقه عسلا فذهب فسقاه فشفي.
وفي نور الثقلين ٣ : ٦٦ عن تفسير العياشي عن عبد الله بن القداح عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه قال جاء رجل الى امير المؤمنين (عليه السلام) فقال يا امير المؤمنين بي وجع في بطني فقال له امير المؤمنين (عليه السلام) ألك زوجة ، قال : نعم ـ قال : استوهب منها شيئا طيبت به نفسها من مالها ، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب عليه من ماء السماء ثم اشربه فاني اسمع الله يقول في كتابه (وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) وقال (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وقال (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فإذا اجتمعت البركة والشفاء والهناء والمريء شفيت ان شاء الله تعالى ففعل ذلك فشفي.