ثم النحل امة من الأمم ، لها ملكتها على سائر النحل ، وقد قسمت امر الامة كما اوحي إليها ومعها السقاء ـ مربي الذرية ـ راع ـ بناء ـ معماري ـ مهندس ـ جندي ـ زبّال وخدام (١).
__________________
(١) فالسقاء يمد الكوارة بالماء والمربي يربي الصغار ، والراعي يجمع غبار الازهار وعسلها وما بعدها لبناء بيوت العسل وامر البقية ظاهر ، ثم هنا شغل عليها نفسها وعلى العمال ، فعليها نفسها وضع البيض حيث تبيض في كل ثلاثة أسابيع من ستة آلاف الى اثنتي عشرة الف بيضة ، ثم على الشغالة عندها سائر الاشغال وهي كلها خنائى ، وعدد الخلايا من عشرين ألفا الى ثلاثين ألفا ، منها البواب الذي لا يسمح لغير اصحاب الخلية ان يدخلها ، ومنها المنوط بخدمة البيض ، وثالثة بتربية صغار النحل ، ورابعة لبناء الخلايا ، وخامسة هي جناة الشمع التي تبنى منها الخلايا ، وسادسة جناة رحيق الأزهار الذي يستحيل في بطونها عسلا تخرجه من فمها غذاء لصغار النحل حيث تخرج من بيضاتها ولشراب الناس ، وكل من هذه العاملات تؤدي الأوامر الموجهة إليها من قبل الملكة «اليعسوب» او «الخشرم» وهي ام النحل وأعظمها جثة.
ومن عجيب أمرها انها تقتل كل ما وقع على نجاسة من رعاياها ، ومن سياستها حين تريد الحمل ان ترتفع في الهواء وتختار ذكرا من غير خليتها ترفعا عما تحت ادارتها.
فان عندها ذكورا لا شغل لها وعددها من خمسمائة الى الف في الخلية ، وهي تبقى فيها الى ان تحمل الملكة وتحبل ، وحينئذ تقتل الخنائي هؤلاء الذكور لئلا يضيق المكان ويفنى العسل ، سبحان الخلاق العظيم!
ثم من النحل ما لها شعر يرى بالعيون المسلحة اسود او احمر او اصفر ، والنحلة الكبيرة التي تعيش في الكلاء والحقول تموت شتاتا الا قليلا تتوارى في أماكن تدفئ جثتها حتى إذا جاء الربيع وانتشرت الحرارة نفخ الله فيها أرواحها ، فإذا قامت أخذت تطير في الحقول لتبحث عن أماكن تبني فيها أعشاشها ، فمنها ما تتخذ حشائش تصنعها مساكن ذات منافذ من أعلى ليدخل النور وتقفلها عند مسيس الحاجة إليها إذا اقبل الليل او نزل المطر او الندى ثم تضع على حيطانها اقراصا وقاية من الرطوبة ، ومنها ما يبحث عن شقوق ومغاور في الأرض او في الجبل فتضع اقراصها فيها ، وهذان النوعان من البناء هما اللذان اتخذتهما النحل فوق الأرض وتحتها وبعد ذلك تضع بيوضها في البيوت التي تتكون منها الاقراص وتسير سير كل حشرة في القانون العام ، فتكون دودة ـ