إذا فعلينا ان نتفكر في حياة النحل ما يهدينا الى عجائب صنعها وصنعتها وحياتها الراقية والفائقة التصور.
وأول ما تبرز هنا لمحة لامعة من (وَأَوْحى رَبُّكَ) هي الصلة القريبة بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والنحل ، ومنها «واوحى» مهما بان البون بين الوحين ومن ثم (ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) إذ تصلح ان تكون مثالا لكافة الثمرات الروحية لكافة درجات الوحي ومحتوياتها ، التي حوتها الروح الرسالية القمة المحمدية ، ثم (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً) انسلاكه في كافة السبل الى الله ، فالى قمة الصراط المستقيم ، ثم النتيجة بعد هاتين المرحلتين (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) اشارة الى خروج الهدى بعد تمكنها في قلبه المنير ، الى مخارج الاهتداء بقول وعمل او تقرير ، وأفضل قوله هو القرآن العظيم : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ..) (١٧ : ٨٢) و (إِنَّ فِي ذلِكَ) مثلا ، كما هو حقيقة (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)! فالرسول الأقدس نحلة غالية من رب العالمين (١) ، ثم الأئمة (٢) من
__________________
ـ فتنام في كرة نسيجها كما تنسج دودة القز في حريرها ، ثم تقوم وقد أكمل الله خلقها وخلق أجنحتها وخرجت من مهدها ، باحثة عن غذائها فتذهب الى الازهار وتحبني منها العسل الذي في أسافلها وتحمل تلك المادة الصفراء في سفط (المقطف) على ارجلها الخفيفة المكونة من شعر يحفظ تلك المادة ثم يجعل جزء منها شمعا يبني منه الاقراص يملؤه عسلا مما شربه من أسفل الزهرة وجزء آخر يصنعه خبزا لصغار النحل!
(١) نور الثقلين ٣ : ٦٥ في رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع) في الآية فقال (عليه السلام): رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) قال : تزوج من قريش (وَمِنَ الشَّجَرِ) قال : في العرب (وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) قال : في الموالي (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) قال : انواع العلم (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ).
(٢) المصدر عن تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه