وحيا بل هو وصية بالنسبة الى وحيه ، (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ) (٤٢ : ١٣).
فالوحي في أعم إطلاقاته يعم كل اشارة في رمز خيرا او شرا ، وفي أخصها يخص وحي الرسالة الختمية ، وبينهما عوانات متوسطات.
وقد تكون تسمية النحل نحلا فتسمية هذه السورة باسمها ، لأن النحلة والنحلة عطية على سبيل التبرع ، والنحل بعسلها عطية ربانية في المشروبات والمأكولات قد تربو على كلها غذاء ودواء حيث (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) من كثير من الأدواء ظاهرة وباطنة.
ولأن صدقات النساء لا تقابلها إلا متعة الجنس وحظوة النسل لذلك سميت نحلة (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً) (٤ : ٤).
وان كتاب وحي النحل ذو مواد ثلاث : (أَنِ اتَّخِذِي ..) (ثُمَّ كُلِي ...) (فَاسْلُكِي ..) ثم النتيجة المرغوبة (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وفي نهاية المطاف عبرة (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
وعلّ هناك في إحياء الأرض (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) وفي (ثَمَراتِ النَّخِيلِ) ـ (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) وهنا (لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) حيث العبرة بالحياة والموت المتواترين يكفيها السمع ، حتى لمن ليست لهم تلك العقول الناضجة ، وانما ساذجة رائجة ، ثم النظر في الثمرات عبرة الى فاعل واحد مختار يفعل تلك الأفاعيل ، هو بحاجة إلى تعقل ، واما امر النحل في حياتها العجيبة فلا ينكشف الا بتدبر عقلي وعلمي وكما ألف العلماء حول حياة النحل كتابات عدة.