قرينة ـ وهي هنا فاقدة ـ هو تطويل بلا طائل ، إذا فهو دون ريب مادة السّكر سواء سميت خمرا ام سواها ، فكل مسكر يتخذ من ثمرات النخيل سكر ، وقد يؤكده تقابله ب (رِزْقاً حَسَناً) فالسكر إذا غير حسن ، أفهل يكون الخل من غير الحسن وهو من احسن ما يتخذ من ثمرات النخيل ، فهو إدام الأولياء ، وهو يزيل شطرا عظيما من البلاء ، إدام هو في نفس الوقت من الأدواء ، مهما أضر ببعض الأمراض.
وتفسيره بالسكون ، وبالحيرة كما في (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) لا ينافيه فان فيه سكون العقل وحيرته.
وترى (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) تدل على حلّه آنذاك ثم حرم بآيات التحريم كآية المائدة ، لان آية السكر في مقام المن على العباد حيث رزقهم من ثمرات النخيل ما يتخذون منه سكرا ورزقا حسنا؟.
والخمر قد حرمت في بداية الدعوة لأنها من اصول المحرمات التي تتنافى حلّيتها مع اصول الشرعة ، فلو حلّت منذ البدء فقد أخلت بأصل الدعوة التي قضيتها عقول ضافية غير مدخولة ، حيث العقول هي مهابط الدعوات الرسالية ومجالاتها ، فكيف بالإمكان الجمع بين حلية ازالة العقل بالسكر ، ـ وهي تزيل محطات الدعوة ـ وبين فرض تقبّل الدعوة ، دعوة تناحر نفسها في حلّ ما يعذّر قبولها ، ويعذّر تقبلها.
ولو كان المن هنا يعم السكر الى الرزق الحسن ، منّا في شرعة الله ان تسمح للإخلال بالعقول التي بها تعقل فتقبل! إذا لاستحال نسخه بآية المائدة إمّا هيه ، فاصل المن بالسكر لا اصل له ، ولو كان ممنونا عليه فكيف يقبل نسخا معللا بانه (رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) فهل ان الرحمن يمن على عباده في برهة من الزمان بتحليله عمل الشيطان ، ثم يحرمه؟!
في الحق ان فرية التحليل سنادا الى آية السكر ام سواها ، هي نفسها من