بطون صاحبات اللبن في كل ثانية ثانية ، في عمليات هدم وبناء مستمرة حتى تفارق الروح الجسد ، سبحان الخلاق العظيم.
ولقد بقي اللبن في ذلك البين العجيب سرا غريبا الى عهد قريب ، الى ان كشف العلم نقابا عن وجهه والى كشوف اخرى يبقى القرآن في كلها إماما لكافة العقلاء والعلماء على مدار الزمن.
أفليس هذا الذي يسقينا من بين فرث ودم لبنا خالصا ، إلها واحدا لوحدة أفعاله وتناسقها؟
او ليس بقادر على ان يخلّص اجزاءنا ـ البالية المتغيرة الخليطة بسواها ـ عن خلائطها ، فيخلق منها أمثالها الاولى متناسبة مع الآخرة كما خلقها في الاولى؟.
أو ليس هذا القرآن ـ الحاوي لملاحم غيبية كهذه ـ من عند الله العزيز الوهاب «سبحان الخلاق العظيم»!.
اللهم بلى وكما ترى هذه الآية بمفردها برهان ساطع على الأصول الثلاثة : مبدء ومصيرا ، وما بين المبدء والمصير وهو وحي القرآن.
(وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ٦٧.
«سكرا» اسم لما يكون منه السّكر وهو حالة تعرض بين المرء وعقله ، واما انه الخل فشيء لا يعرفه اهل اللغة ، وحتى إذا كان من معانيه فغير فصيح ولا صحيح ان يراد الخل (١) مما هو أعم دون قرينة ، ومع
__________________
(١) عن ابن عباس انه في الحبشية بمعنى الخل ، ولكنه غير صحيح ان يترك الخل العربي ثم يستخدم السكر الحبشي وهو في العربية ما يسكر ، فبالرغم من وجود الألفاظ الاعجمية في القرآن فانه مخصوص بما ليس في معناه لفظة عربية ، ثم لالتباس في استعمالها.