الأمران.
ثم ماذا يعني (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ)؟ والفرث هو ما يتبقى في الكرش بعد الهضم ، المسمى روثا
وسرجينا بعد خروجه ، والدم هو حصالة الغذاء المصفّاة في المعدة ، وعصارتها
المتحوّلة الى الشرايين والاوردة وسائر العروق شعرية وما فوقها ، المرتزقة منه
الخليّات كلها ، فكيف يكون اللبن من بين فرث ودم؟.
إنه من بين فرث
ودم مكانا ومكانة ، مكانا حيث الثلاثة كلها لصق بعض في بطن واحد ، دون ان تتأثر
واحدة من الأخرى على أية حال ، فاللبن في الأنعام بين الفخذين ، والدم جار في سائر
الشرايين والأوردة والفرث في الأمعاء ، قد دفعته المعدة إليها بعد جذب العروق
لخلاصة الطعام فكانت دما ، فالبينية هي باعتبار المكان بيّنة ، فلا الفرث بمختلط
باللبن مع قرب المكان ، ولا الدم بداخل بنفسه في الضرع ، فان بين ذلك كله حجرا
محجورا.
ثم ومكانة فان اصل
الكل واحد هو الغذاء ، وهنا تحول اوّل الى فرث سافل ثافل ، والى عصارة تتحول الى
دم وسواه من غذاء الجسم والدم هو الأهم فانه به حيوية الجسم ، ثم الدم الذاهب الى
كل خليّة في الجسم يتحول في عروق الضرع الى لبن خالص سائغ للشاربين ، إذا فاللبن
وهو عشير الفرث والدم وسواهما من ثفالات وعصارات غذائية ، هو (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) من بين فرث ودم مكانة ومكانا.
و (مِمَّا فِي بُطُونِهِ) هي الغذاء ، و «من» تبعيض له أن اللبن هو بعضه ، وهو من
بين فرث ودم ، فلا هو متأثر من فرث ولا دم ، رغم ان الفرث عشيره في الغذاء ، والدم
امّه الأخير.
وعملية تحول
الخلاصات الغذائية في الجسم إلى دم ومنه الى لبن ، تتم في