فَارْهَبُونِ) : إيجاب واحد بين سلوب ثلاثة تنفي الالوهية والرهبة على سواء.
فيا لهذا التعبير العبير من أسلوب منقطع النظير في التقرير والتكرير ، جمعا بين إلهين واثنين ، ثم اتباعا للسلبين بالقصر (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) ثم تعقيبا على النهي والقصر بقصر آخر كنتيجة حاسمة لذلك التقرير (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ)!.
ولماذا (إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ)؟ لتخص النص بالثنوية القلة ، وسائر المشركين هم الاكثرية الساحقة الثلّة ، والنهي عن اتخاذ إله أو آلهة الا الله يشمل كل مشرك بالله ثنويا وسواه.
علّه للرد على من يثّني إله الخلق والتدبير و (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ومن يثّني إله الخلق والتدبير ، والعبادة ، انها لما سواه من كرام خلقه ، ثم هما له كأصل الألوهة ، وهما ـ على ثنويتهما ـ تشملان عامة الشرك وخاصته ، ثنويته وتثليثية اماهيه؟.
ومن ثم فكل اشراك بالله أيا كانت صورته وسيرته ، ليس إلّا باتخاذ إلهين اثنين ، أولهما ـ كأصل ـ النفس الامارة بالسوء ، حيث تأمر بالاشراك بالله ، فكل مشرك أيا كان ، هو في الأصل ثنوي ، يختلق إلها آخر ام آلهة إلّا الله كما تهواه هواه ، من طواغيت وأصنام وأوثان ، فالنفس الأمارة بالسوء هي الإله الأصل لكل مشرك ، وهي التي تولد آلهة على شاكلتها ، فكل إناء بما فيه يرشح ، فالنفس ترشّح للألوهة ما يناسبها.
ولان الكل بحاجة ضرورية الى ما سواه ، فلا بد ان يعبد كل من سواه كما تهواه نفسه ، ام يهواه عقله وفطرته ، فالماشي على صراط مستقيم يوحّد الله ، والماشي مكبا على وجهه يعبد هواه ، ويعبد ما تهواه هواه ، إذا فكل المشركين ثنويون ، كما وكل ملحد ثنوي ، والإله الاول لاولاء وهؤلاء هو النفس الأمارة ، والثاني سائر الآلهة ، سواء أكانت المادة لا سواها فملحد ، ام المادة وسواها فمشرك.