فاتخاذ إلهين اثنين يحلّق على الشرك كله ، في ذاتية التعدد ام الخالقية ام التدبير او العبادة ، أما ذا من صنوف الإشراك بالله ، فلا يخص باتخاذهما معبودين حتى يقال ان المشركين لا يعبدون الله ضمن ما يعبدون سواه ، كما لا يعبدونه موحدين إياه ، حيث الإشراك ان يتخذ بجنب الله إله له ما لله بعضا او كلا من الألوهة ذاتا وصفات وافعالا : خلقا وتدبيرا ، واستحقاقا للعبودية.
فكل إلحاد في الله أو شرك بالله هو لمن اتخذ إلهه هواه (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ) (٤٥ : ٢٣) (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (٢٥ : ٤٣).
واتخاذ الإله هو في مثلث لا سواه : توحيدا لله ـ توحيدا لألوهة من سوى الله ـ اتخاذا لإلهين اثنين ، والثاني بين إلحاد في الله إنكارا لألوهيته ، وبين توحيد العبادة لسواه واتخاذه إلها في غيرها ، وهذا الثاني هو من ضمن الثالث ان يتخذ إلها مع الله هواه ، فتهوي به الى هوّة العبادة لغير الله.
إذا فالناكرون لوجود الله ، وغير الموحدين لله ، هم كلهم ممن اتخذ إلهين اثنين ، الله وهواه ، وهي التي تأمره باتخاذ من سوى الله إلها ، واحدا معه أم أكثر ، بل والناكرون ايضا غير ان الله ليس احد الإلهين لهم.
ثم اتخاذ إلهين اثنين تعم كافة الاتخاذات المشركة الجارفة الخارفة التي تتنافى وتوحيد الله في كافة مراتبه ومقتضياته ، من شرك خفي كالرئاء ، ام جلي كسائر الإشراك بالله ، أيا كان ذلك الإشراك ، ف (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) تناحر كافة دركات الإشراك بالله.
و «هو» هنا مبتدء لخبر الوحدة في الألوهة ، فإما هو راجع إلى «الله» ام «إله» المستفادة من «إلهين» ـ والواحد متفق عليه ، والثاني مختلف فيه ـ ام هو راجع الى الذات الغائبة : الهوية المطلقة الإلهية ، ف «انما هو» على اي الحالات الثلاث «إله واحد» بحقيقة الوحدة ووحدة الحقيقة «فإياي» لا سواي «فارهبون» تفريعان للرهبة الرهيبة الوحيدة غير الوهيدة ، على تلك الوحدة