كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢١ : ٢٩) إذا فبالإمكان قولهم هذا وفعلهم على عصمتهم دون اضطرار اتوماتيكي في فعلهم وتركهم ، فهم خائفون لو عصوا ربهم عذاب يوم عظيم ، وعدم صدور العصيان منهم كما لسائر المعصومين لا يدل على انهم مسيّرون على الطاعة ، إلّا ان طاعة المعصومين أطوع من طاعة الملائكة ، فإنهم عقل بلا شهوة ، وأولاء لهم عقل وشهوة ، ولكنهم «جزناها وهي خامدة» فطاعتهم ـ على عصمتهم ـ أفضل من الملائكة على عصمتهم ، واين عصمة من عصمة ، فطاعة من طاعة وأفضل الأعمال أحمزها؟!.
و «من فوقهم» هنا كما في (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (٦ : ١٨) (.. وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) (٦ : ٦١) هي فوقية القاهرية حكمة وخبرة وقدرة حيث يرسل عليكم حفظة ، فهي فوقية المكانة لا المكان إذ ليس له سبحانه مكان ، وانما فوقية الذات والأفعال والصفات ، (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) لا على الذات ولا على الأفعال ولا الصفات ، متصاغرون بجنبه ، أذلّاء وجاه عزّه ، ففعلهم لصق أمره دونما تخلف ولا قيد شعرة.
وهذه الآية واضرابها في مواصفات الملائكة من الادلة القاطعة على ان إبليس لم يكن من الملائكة خلافا لقيلته ، وان أحدا من الملائكة لم يعصوا الله ولن ، خلافا لغيلته.
(وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) ٥١.
آية فريدة في صيغة التعبير عن الإشراك بالله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) وهنا تأكيدات اربع تحوم حوم (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ففي السلب : لا اله : (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ) تاكيدان اثنان ، وفي الإيجاب : «إلا الله» ـ (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) ثم سلب آخر يتبنى ذلك الإثبات ويتبناه ذلك الإثبات (فَإِيَّايَ