(فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) وكيف لا وهو أفضل مفسر للقرآن بعد الله وبيان الله.
ثم «لتبين» كما هو بالقرآن كذلك بالسنة قولية وعملية وتقريرية ، فالتفكر في رسول القرآن كما القرآن ينتج صارحة صارخة انه : (ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ. فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وهو نفسه أفضل أهل لهذا الذكر.
ومن ثم «لتبين» كغاية قصوى راجعة اليه في (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) نزولا الى معلم القرآن وسائر الوحي «لتبين» دون ان ينزل بلا وسيط على الناس إذ لا تبيين لهم تماما دون بيانه ، ولا انهم يصلحون لنزول الوحي عليهم ، و (ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) يعم القرآن وسائر الذكر ، إذا فالقرآن ببيان نبي القرآن بيان لكافة كتابات الوحي طول الخط الرسالي ، وبيان لنفسه وبيان للسنة الرسالية ، ولما يروى عن الرسول كسنة ، حيث يقاسان على القرآن ويبيّنان به.
ثم (نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) هو تنزيل إليهم بواسطة رجالات الوحي ، ونسبته إليهم اعتبارا انهم هم المعنيون بهذه الكتب كما الرسل ، دون الرسل فحسب حيث انزل إليهم ، فهم ـ إذا ـ حملة أمانات الوحي الى المرسل إليهم ، مهما كانوا هم رءوس الزاوية في كتابات الوحي.
لذلك فهم الغاية الثانية ل (أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ) : (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) في النازل ومنزله ، وليعلموا انه (ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي
__________________
ـ القطان عن وكيع عن الثوري عن السدي قال كنت عند عمر بن الخطاب فإذا بكعب بن الأشرف ومالك بن صيف وحي بن اخطب ـ وساق سؤالهم عمرا عن عرض السماوات والأرض وعيه عن الجواب فإذا بعلي (عليه السلام) دخل فأجابهم ثم ذهب علي (عليه السلام) الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ونقل له ما حصل فنزلت هذه الآية.