وترى إذا كان (الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) مختصين بهما ، أفلا يعذب فسقة الموحدين؟ .. بلى ولكنهم الأصلاء في ذلك وسائر اهل العذاب فروع يتّقدون في النار بهذه الصلاء! .. ثم الجمع بين الخزي شركا والسوء فسقا يختص بالكافرين أصلاء وأتباعا ، ولا ينافيه سوء دون خزي على سائر الفاسقين (١) وكما هو الضرورة المستفادة من آي من الذكر الحكيم.
(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ٢٨
تعريف جامع للكافرين الناكرين لتوحيد الله ويوم الدين (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) حال (تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) تاركين حياة التكليف ظالمي أنفسهم دونما توبة.
وكيف (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) وهم قد ظلموا كثيرا من المستضعفين ، وظلموا النبيين وكل حق ناصع قاطع من رب العالمين ، ومن يظلم نفسه دون سواه هو في أهون الظلم وأدناه وقد تشمله المغفرة!.
إن الظلم أيا كان يرجع بضره وشرّه إلى نفس الظالم في مثلث الحياة ، ولا سيما منذ الموت ، وسابق التعريف بهؤلاء الظالمين يكفينا دليلا انهم أظلم الظالمين (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (٢ : ٥٧) وهم الذين اتخذوا العجل من قوم موسى ، ظلم الشرك.
فليس الله ليظلم كما لا يظلم ، ثم سواه يظلمون او يظلمون ام يظلمون ويظلمون ، و (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) هم ـ فقط ـ الظالمون ، ولأنه راجع إليهم على أية حال ، فهم (ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) كسرا لشوكتهم مهما خيّل إليهم
__________________
(١). هنا «يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ ...» لمحة بالغة ان المعز من الخزي هو التأنيث ب «أَيْنَ شُرَكائِيَ ..» وأمثال ذلك مما يوازي التأنيث بالشرك لما يوازي الشرك.